لَئنْ قَطَعَ اليَأْسُ الحَنِينَ فإِنّه ... رَقُوءٌ لتَذْرافِ الدّمُوعِ السَّوافِكِ س ك ك
السَّكُّ بالفتح : المِسمارُ كالسَّكِّيِّ بزيادَةِ الياءِ رُبّما قالُوا ذلِكَ كما قالوا : دَوٌّ ودَوِّيٌّ ومِنَ الأَوّلِ قَوْلُ أبي دَهْبَلٍ الجُمَحِيِّ :
" دِرْعِي دِلاصٌ سَكّها سَكٌّ عَجَبْ
" وجَوْبُها القاتِرُ من سَيْرِ اليَلَبْ ومن الثاني قَوْلُ الأَعْشَى :
ولا بدَ من جار يُجِيزُ سَبِيلَها ... كما جَوَّزَ السَّكِّيَ في البابِ فيتَقُ وقد تَقَدَّم في ف ت ق . سِكاكٌ بالكسر وسُكوكٌ بالضمِّ . والسَّكّ : البِئْرُ الضَّيِّقَةُ الخرق وقِيلَ : الضَّيِّقَةُ المَحْفِرِ من أَوَّلِها إِلى آخِرِها وأَنْشَد ابنُ الأعرابي :
" ماذَا أخشِّى مِنْ قَلِيبٍ سَكِّ
" يَأْسَنُ فيهِ الوَرَلُ المُذَكِّي ويُضَمُّ نقَلَه الجوهري عن أبي زَيْدٍ وقال الأَصْمَعِيُّ : إِذا ضاقَت البِئْر فهي سُكٌّ والجمع سِكاكٌ كالسَّكُوكِ كصَبُور والجمع سُكٌّ بالضمِّ . وقيل : السّكُّ من الرَّكايَا : المُستَويَةُ الجِرابِ والطيّ . وقال الفَرّاءُ : حَفَرُوا قَلِيبًا سُكًّا : وهي التي أحْكِمَ طَيُّها في ضِيق . وقال ابنُ شُمَيل : السَّكُّ : المُستَقِيمُ من البِناءِ والحَفْرِ كهَيئَةِ الحائِطِ ومنه قولُ أَعرابِي في صِفَةِ دَحْلٍ دَخَلَه فقال : ذَهَبَ فَمُه سَكًّا في الأَرْضِ عَشْرَ قِيَم ثُمّ سَرَّبَ يَمِينًا أَرادَ بِقَوْلِه سَكًّا أي : مُستَقِيمًا لا عِوَجَ فيهِ . والسَّكُّ : سَدُّ الشّيءِ يُقالُ : سَكَّهُ يَسُكُّه سَكًّا : فاسْتَكَّ : سَدَّهُ فانْسَدَّ . والسَّكُّ : اصْطِلامُ الأُذُنَيْن يقال : سَكَّه يَسُكّه سَكًّا : إِذا اصْطَلَم أذُنَيهِ أي : قَطَعَهُما . والسَّكّ : تَصبِيبُ البابِ أَو الخَشَبِ بالحَدِيدِ وقد سَكَّهُ سَكًّا . والسَّكّ : إِلْقاءُ النَّعامِ ما في بَطْنِه كالسَّجِّ بالجيمِ وقد سَكَّ بهِ : إِذا ذَرَقَه . وأَيْضًا : الرَّمْي بالسَّلْحِ رَقِيقًا وقد سَكَّ بسَلْحِه وهَكَّ : إِذا حَذَفَ بهِ . وقال الأَصْمَعِيُ : هو يَسُكُّ سَكًّا ويَسُجُّ سَجًّا : إِذا رَقَّ ما يَجيءُ من سَلْحِه . وقال أَبو عَمْرو : زَكَّ بسَلْحِه وسَكَّ أي : رَمَى بهِ وأَخَذَه لَيلَتَه سَكٌّ : إِذا قَعدَ مَقاعِدَ رِقاقًا . وقال يَعْقُوبُ : أَخَذَه سَكٌّ في بَطْنِه وسَجٌّ : إِذا لانَ بَطْنُه وزَعَم أَنه مُبدَلٌ ولم يَعْلَم أَيُّهما أبْدِلَ من صاحِبه . والسَّكُّ : الدِّرْعُ الضَّيِّقَةُ الحَلَقِ وفي العُباب : اللَّيِّنَةُ الحَلَقِ . والسّكُّ بالضَّمِّ : جُحْرُ العَقْرَب كما في الصِّحاحِ زادَ ابنُ عَبّاد : في لُغَةِ بني أَسَد . وجُحْرُ العَنْكَبُوتِ أَيْضًا ؛ لضِيقِه . وقال ابنُ الأعرابي : السك : لُؤمُ الطَّبعِ وقد سَكَّ : إِذا لَؤُم يقال : هو بسُكِّ طَبعِه يَفْعَلُ ذلك . والسُّكُّ : الضَّيِّقَةُ الحَلَقِ من الدُّرُوعِ كالسَّكّاءِ نَقَلَه الجوهري . والسّكُّ مِنَ الطُّرُقِ : المُنْسَدُّ يُقال : طَرِيقٌ سُكٌّ : أي ضَيقٌ منْسَدٌّ عن اللِّحْياني . والسّكّ : جَمْعُ الأَسَك مِنَ الظِّلْمانِ ومنه قَوْلُ الشّاعِرِ :
" إِنّ بني وَقْدانَ قَوْمٌ سُكُّ
" مِثْلُ النَّعامِ والنَّعامُ صُك وسُكّ : أي صُمٌّ قال اللّيثُ : يُقال : ظَلِيمٌ أَسَكّ ؛ لأَنّه لا يَسمَعُ قال زُهَيرٌ :
أَسَكَّ مُصَلَّمِ الأُذُنَيْنِ أَجْنَى ... له بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ والسُّكُّ : طِيبٌ يُتّخَدُ من الرّامَكِ قال ابنُ دُرَيْد : عَرَبيٌ : وأَنْشَدَ :
" كأَنَّ بينَ فَكِّها والفَكِّ
" فَأْرَةُ مِسْكٍ ذُبِحَت في سُكِّ وقالَ غيرُه : يُتَّخَذُ منه مَدْقُوقًا مَنْخُولاً مَعْجُونًا بالماءِ ويُعْرَكُ عَركًا شَدِيدًا وُيمْسَحُ بدُهْنِ الخَيرِيِّ لِئَلاّ يَلْصَقَ الإِناءِ ويُتْرَكُ لَيلَةً ثم يُسحَقُ المِسكُ ويُلْقَمُه ويُعْرَكُ شَدِيدًا ويُقَرَص ويُتْرَك يَوْمَيْنِ ثم يُثْقَبُ بمِسَلَّةٍ ويُنْظَمُ في خَيطِ قِنَّبٍ ويتْرَكُ سَنَةً وكُلَّما عَتُقَ طابَتْ رائِحَتُه ومنه حَدِيثُ عائِشَةَ رضي اللّهُ تَعالَى عنها : كُنّا نُضَمِّدُ جِباهَنَا بالسُّكِّ لمُطَيَّبِ عندَ الإِحْرامِ . والسَّكَكُ مُحَرَّكَةً : الصَّمَمُ وقِيلَ : صِغَرُ الأذُنِ ولُزُوقُها بالرَّأْسِ وقِلَّةُ إِشْرافِها وقيل : قِصَرُها ولُصُوقُها بالخُشَشَاءِ أَو صِغَرُ قُوفِ الأُذُنِ وضِيقُ الصِّمَاخِ وقد وُصِفَ به الصَّمَمُ يكونُ ذلِكَ في النّاسِ وغَيرِهِمْ يُقال : سَكَكْتَ يا جُدَيّ وقد سَكَّ سَكَكًا وهو أَسَكُّ وهي سَكّاءُ قال الرّاجِزُ :
" لَيلَةُ حَك لَيسَ فِيها شَك
" أَحُكُّ حتّى ساعِدِي مُنْفَكُّ
" أَسْهَرَني الأسَيوِدُ الأَسَكُّ يعني البَراغِيثَ وأَفْرَدَه على إِرَادَة الجِنْسِ والنَّعامُ كُلُّها سُكٌّ وكذلك القَطَا . وقال ابنُ الأَعرابي : يُقالُ للقَطاةِ حَذّاءُ لقِصَرِ ذَنَبِها وسَكّاءُ لأَنه لا أذُنَ لَها وأَصلُ السَّكَكِ الصَّمَمُ وأَنْشَدَ :حَذّاءُ مُدْبِرَةً سَكّاءُ مُقْبِلَةً ... للماءِ في النَّحْر مِنْها نَوْطَةٌ عَجَبُ وأُذُنٌ سَكّاءُ : صَغِيرَةٌ . ويُقالُ : كُلُّ سَكّاءَ تَبِيض وكُلُّ شَرفاءَ تَلِدُ فالسَّكّاءُ : التي لا أذُنَ لَهَا والشَّرفاءُ : التي لها أُذُنٌ وِإنْ كانَتْ مَشْقُوقَةً وفي الحَدِيث : أَنّه مًرّ بجَدْيٍ أَسَكَّ أي : مُصْطَلَم الأذُنَيْنِ مَقْطُوعِهما . والسُّكاكَةُ كثُمامَةٍ : الصَّغِيرُ الأذُنِ هكذا في المُحْكَمِ وفي نَصِّ ابنِ الأَعْرَابِي الأذُنَيْنِ وأَنْشَد :
" يا رُبَّ بَكْرٍ بالرُّدَافي واسِجِ
" سُكاكَةٍ سَفَنَّجٍ سُفانِجِ قالَ : والمَعْرُوف أَسَكُّ . والسُّكاكَةُ : الهَواءُ المُلاقِي عِنانَ السَّماءِ وقيل : هو الهَواءُ بينَ السَّماءِ والأَرْضِ وكذلك للُّوحُ كالسكاكِ كغُرابٍ ومنه قولُهم : لا أفْعَلُ ذلك ولو نَزَوْتُ في السكاكِ وفي حَدِيثِ الصَّبِيَّةِ المَفْقُودَة : قالت : فحَمَلَني على خافِيَةٍ من خَوافِيه ثم دَوَّمَ بي في السُكاكِ . وجمعُ السكاكَةِ سَكائِك كذُؤابَة وذوائِبَ ومنه حَدِيثُ علي رضي الله تَعالَى عنه : ثم أَنْشَأَ سُبحانَه فَتْقَ الأَجْواءِ وشَقَّ الأَرْجاءِ وسَكائِكَ الهَواءِ . وقال أَبُو زَيْدٍ : السُّكاكَةُ : المُشتَبِهُّ برَأْيِه الذي يُمْضِي رَأْيَهُ ولا يُشاورُ أَحَدًا ولا يُبالِي كَيفَ وَقَعَ رأْيُه والجمعُ سُكاكاتٌ ولا يُكَسّر . والسِّكَّةُ بالكَسرِ : حَدِيدَةٌ مَنْقُوشَةٌ كُتِبَ عَليها يُضْرَبُ عليها الدَّراهِمُ ومنه الحَدِيث : أَنّه نَهي عن كَسرِ سِكَّةِ المُسلِمِينَ الجائِزَةِ بينَهُم إِلاّ مِنْ بَأْسٍ أَرادَ بها الدِّرْهَمَ والدِّينارَ المَضْرُوبَيْنِ سَمَّى كُلَّ واحد منهُما سِكَّة ؛ لأَنّه طُبعَ بالحَدِيدَةِ المُعَلِّمَةِ له
والسِّكَّةُ : السَّطْرُ المُصْطَفُّ من الشَّجَرِ والنَّخِيلِ ومنه الحَدِيثُ : خَيرُ المالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ المَأْبُورَةُ : المُصْلَحَةُ المُلْقَحَة من النَّخْلِ والمَأمُورَة : الكَثِيرَةُ النِّتاجِ والنَّسلِ . وسِكَّةُ الحَرّاثِ : حَدِيدَةُ الفَدّانِ وهي التي يُحْرَث بها الأَرْضُ ومنه الحَدِيث : ما دَخَلَت السِّكَّةُ دارَ قَوْمٍ إِلاّ ذَلُّوا وفيه إِشارةٌ إِلى ما يَلْقاهُ أَصْحابُ المَزارِعِ من عَسفِ السُّلْطانِ وِإيجابهِ عليهم بالمُطالَباتِ وما يَنالُهم من الذّلِّ عندَ تَغَيُّرِ الأَحْوالِ بعدَه صَلّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وقَرِيب من هذا الحَدِيث الحَدِيثُ الآخرُ : العِزُّ في نَواصِي الخَيلِ والذُّلُّ في أَذْنابِ البَقَرِ وقد ذُكِرَت السِّكَّةُ في ثلاثَةِ أَحادِيثَ بثلاثَةِ مَعانٍ مُخْتَلِفَةٍ . ومن المَجازِ : السِّكَّةُ : الطَّرِيقُ المُستَوِي من الأَزِقَّةِ سُمِّيَتْ لاصْطِفافِ الدُّورِ فيها على التّشْبِيهِ بالسِّكَّةِ من النَّخْلِ قال الشَمّاخ :
حَنَّتْ على سِكَّةِ السّارِي تُجاوِبُها ... حَمامَةٌ من حَمامٍ ذات أَطْوَاقِ والسِّكِّيُ بالكسرِ : الدِّينارُ وبه فُسِّرَ قولُ الأعْشَى السّابِق . ويُقال : ضَرَبُوا بُيُوتَهُم سِكاكًا بالكَسرِ أي : صَفًّا واحِدًا عن ثَعْلَبٍ ويُقالُ بالشِّينِ المُعْجَمَة عن ابنِ الأعرابي . ويقال : أَخَذَ الأَمْرَ وأَدْرَكَه بسِكَّتِه أي : في حِينِ إِمْكانِه
وسَكّاءُ كزَبّاءَ : قال الراعِي يَصِفُ إِبِلاً له :
فلا رَدَّها رَبِّي إِلى مَرجِ راهِطٍ ... ولا أَصْبَحَتْ تَمْشِي بسَكّاءَ في وحْلِوالسَّكْسَكَةُ : الضَّعْفُ عن ابن سِيدَه . وأَيْضًا : الشَّجاعَةُ نَقَلَه الصاغانيُ عن ابنِ الأعرابي . والسَّكاسِكُ : حَيٌ باليَمَنِ جَدُّهُم القَيلُ سَكْسَكُ بنُ أَشْرَسَ بنِ ثَوْرٍ وهو كِنْدَةُ بنُ عُفيرِ بنِ عَدِيِّ بنِ الحارِثِ بنِ مُرَةَ بنِ أُدَدَ بنِ زَيْد واسمُ سَكْسَكَ حُمَيس وهو أَخُو السَّكون وحاشِدٍ ومالِك بني أَشْرَسَ أَو جَدُّهُم السَّكاسِكُ بنُ وائِلَةَ أَو هذا وَهَمٌ والصّوابُ الأَوّلُ . قلتُ : والذي حَقَّقَه ابنُ الجَوّاني النَّسّابَةُ وغيرُه من الأَئِمَّةِ على الصّحيحِ أَنَّهُما قَبيلَتانِ فالأُولَى : من كِنْدَةَ والثانِيَةُ من حِمْيَر وهم بَنُو زَيْدِ بنِ وائِلَةَ بن حِمْيَر ولقب زَيْدٍ السَّكاسِكُ وهي غَيرُ سَكاسِكِ كِنْدَةَ والنِّسبةُ سَكْسَكِيٌ وكِلاهما باليَمَن وقد وَهِمَ المُصَنِّفُ في جَعْلِهما واحِدًا فتأَمَّلْ . ومن المجازِ استَكَّ النَّبتُ اسْتِكاكًا : الْتَفَّ واسْتَدَّ خَصاصُه وقال الأَصْمَعِيُّ : اسْتَكَّت الرِّياضُ : الْتَفَّتْ قال الطِّرمّاحُ يَصِفُ عَيرا :
صُنْتُعُ الحَاجِبَيْنِ خَرَّطَهُ البَق ... ل بَدِيئًا قَبلَ اسْتِكاكِ الرياضِ ومن المَجازِ : اسْتَكَّت المَسامِعُ أي : صَمّت وضاقَتْ ومنه حَدِيث أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي رضي اللّه تعالى عنه " أَنّه وَضَعَ يَدَيْهِ على أُذُنَيهِ وقال : اسْتَكَّتَا إِنْ لَم أَكُنْ سَمِعْتُ النَّبيَ صَلّى اللَّهُ عليه وسَلّم يَقُولُ : الذَّهَبُ بالذهَبِ والفِضَّة بالفِضَّةِ مِثْلٌ بمِثْلٍ " وقال النّابِغَةُ الذبْياني :
" وخُبِّرت خَيرَ النَّاس أَنَّكَ لُمْتَنىوتلكَ التي تَستَكَّ مِنْها المَسامِعُ والأَسَكُّ : الأَصَمُّ بَيِّنُ السَّكَكِ . والأَسَكُّ : فَرَسٌ كانَ لبَعْضِ بني عَبدِ اللَّه بن عَمرِو بن كُلْثُوم نَقَلَه الصّاغانيُ
وتَسَكْسَكَ أي : تَضَرَّعَ . وقالَ ابنُ عَبّادٍ : السُّكاكُ كغُرابٍ : المَوْضِعُ الذي فِيه الريشُ من السَّهْمِ يَقُولونَ : هو أَطْوَلُ من السُّكاكِ . قالَ : وانْسِكاكُ القَطَا : أَن يَنْسَكَّ على وُجُوهِه ويُصَوِّبَ صُدُورَه بَعْدَ التَّحْلِيقِ ونَصُّ المُحِيطِ : وُجُوهها وصُدُورها . قال الصَّاغانيُ : والتَّركِيبُ يَدُل على ضِيقٍ وانْضِمام وصِغَير وقد شذَّ عن هذا التَّركِيبِ السُّكاكُ والسُّكاكَةُ
ومما يستدرك عليه : يُقال : ما اسْتَكَّ في مَسامِعِي مِثْلُه أي : ما دَخَلَ . وما سَكَّ سَمْعي مِثْلُ ذلك الكَلامِ أي : ما دَخَلَ . وقال ابن عَبّادٍ : يُقال : أَين تَسكُّ ؟ أي : أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ يقال : سَكَّ في الأَرْضِ أي : سَكَعَ . قال : والسِّكّي بالكسر : البَريدُ نُسِب إِلى السِّكَّةِ وبه فُسِّرَ أَيْضًا قولُ الأَعْشَى . ومِنْبَرٌ مَشكُوكٌ : مُسَمَّرٌ بمَسامِير الحَدِيدِ ويقال أَيْضًا بالشِّينِ المُعْجَمَة : أي مَشْدُودٌ ومنه سَكُّ الأَبْواب مُوَلَّدة . والسَّكائِكُ : الأَزِقَّةُ ومنه قولُ العَجّاج :
" نَضْربهُم إِذْ أَخَذُوا السَّكائِكَا والسَّكّاكَةُ مشدَّدَةً : أَبْناءُ السَّبِيلِ . وأَيضًا مَحَلَّةٌ بنَيسابُورَ ومنها السَّكّاكيُ صاحِبُ المِفْتاحِ . والسَّكاك : من يَضْرِبُ السِّكةَ . وأَبُو عبد اللَّه مُحَمّدُ بنُ السَّكّاكِ : مَغْرِبيٌ مَشْهُور . والسُّكُكُ بضَمَّتَيْن : الحُبَارَياتُ . ومن المَجازِ : فُلانٌ صَعْبُ السِّكَّةِ : أي لا يَقَر لنَزاقَةٍ فيهِ نَقَله الزَّمَخْشَرِي وابنُ عَبّاد . وذكرَ ابنُ عَبّادٍ السِّكِّينَ في هذا التّركِيبِ وقال : مَأْخُوذٌ من السَّكِّ وهو التَّضْبِيبُ وتَركِيبُ نَصْلِه في مَقْبِضِه . قال : وانْسَكَّت الإِبِلُ : إِذا مَضَتْ على وُجُوهِها
بَسْكَرَةُ أهملَه الجماعةُ وهو بالكَسْر ويُفْتَحُ ومثلُه في المَراصِد والمَسْمُوعُ مِن أَهلها خاصَّةً ومِن الشُّيُوخ الفَتْحُ دُونَ الكَسْر قالَه شيخُنَا . قلتُ : وبالفَتْحِ ضَبَطَه الشَّرَف الدُّمْيَاطِيُّ في السِّفْرِ الثاني مِن مُعْجَم شُيُوخِه في ترجمة شَيْخِه الفَضْلِ بنِ القاسم البَسْكَرِيِّ : د بالمَغْرِب هي أُمُّ بلادِ الزّابِ وقاعدةُ أَمْصَارِ الجَرِيدِ وتُعرَفُ ببَسْكَرَةِ النَّخِيلِ وفي الاسْتبْصَارِ في أَخبارِ الأَمْصَار : بِسْكَرَةُ : كُورَةٌ فيها مُدُنٌ وقاعِدَتُها بِسْكَرَةُ النَّخِيلِ وهي مدينةٌ كبيرةُ كثيرةُ النَّخْل والزَّيْتُون وأصنافِ الثِّمَار وهي مدينةٌ مُسَوَّرَةٌ عليها خَنْدَقٌ وبها جامعٌ ومساجدُ وحَمّامَاتٌ كثيرةٌ وحَوَالَيْهَا بساتينُ كثيرةٌ وفيها غابةٌ كبيرةٌ مِقدار سِتَّةِ أميالٍ فيها أجناسُ الثِّمَارِ حولَها رياضٌ خارجةٌ عن الخَنْدَقِ وداخِلُها آبارٌ كثيرةٌ وفي داخلِ المدينةِ جَنّاتٌ يَدْخُلُ إليها الماءُ مِن النَّهْر وبها جَبَلُ مِلْح يُقْطَعُ منه صَخْرٌ كبيرٌ جَلِيلٌ وشُرْبُها مِن نَهْرٍ كبيرٍ يَجْرِي في جَوْفِها يَنْحَدِرُ مِن جَبَلِ أُوراسَ . نقلَه شيخُنا . منها الحافِظُ الضّابِطُ عليُّ بنُ جُبَارةَ بنِ محمّدِ بنِ عُقَيْلِ ابنِ سَوادةَ أبو القاسمِ الهُذَلِيُّ هكذا في النُّسَخ التي بأيدِينا والصَّوابُ أنه يُوسُفُ بنُ عليِّ بنِ جُبَارَةَ كما في تاريخ الذَّهَبِيِّ وابن عَسَاكر وهو الذي كُنْيَتُه أبو القاسِمِ قيل هو مِن ذُرِّيَّةِ أبي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ وساق نَسَبَه ابنُ ماكُولا وُلِدَ سنة 403 ، وأخَذَ عن أبي نُعَيمٍ الأصْبَهانيِّ وقَرَأَ على أبي عليٍّ الواسِطِيِّ وعَمِلَ اختياراً في القِراءَات . قلتُ : وفي تاريخ الذَّهَبِيّ : هو أَحَدُ الجَوّالِينَ في الدُّنيا في طَلَبِ القِراءَات لَقِيَ في هذا الشَّأْنِ في رِحْلَتِه ثَلاثَمِائَةٍ وخمسينَ شيْخاً وصَنَّف الكامِلَ في المَشْهُورة والشَّواذّ وفيه خمسون روايةً من ألْفِ طَرِيقٍ وأكثرَ وكانَ يَحْضُرُ مَجلسَ أبي القاسِمِ القُشَيْرِيِّ . تُوُفِّيَ تقريباً في سنة 460
قلتُ : ويُنْسَبُ إلى هذا البلد أيضاً : أبو العَبّاس أَحمدُ بنُ مَكِّيِّ بنِ أحمدَ البِسْكَرِيُّ قَدِمَ مصرَ سنة 516 ، هو بخطِّ المُنْذِرِيِّ بكسرِ أَوَّلِه . وأبو جعفرٍ محمّدُ بنُ عُمَرَ البِسْكَرِيُّ سَمِعَ الكَثيرَ مات سنةَ 804 بمصر
سكر كفرِح سُكْراً بالضمّ وسُكُراً بضمتين وسَكْراً بالفتحِ وسَكَراً محَرَّكَةً وهو المنصوص عليه في الأمّهات وسَكَراناً بالتحْريك أيضاً : نقيضُ صَحا ومثله في الصّحاحِ والأساسِ والمِصباح . والذي في المفردات للراغب وتبعه المُصَنّف في البَصا ئر : أن السُّكْرَ : حالةُ تَعْترضُ بين المرءِ وعقْله وأكثرُ ما يُستعْملُ ذلك في الشراب المُسْكِرِ وقد يكونُ من غضب وعِشقٍٍ ولذلك قال الشاعر :
سُكْرانِ سُكْرُ هَوىً وسُكْرُ مُدامةٍ ... أنَّي يُفيقُ فتىً به سُكْرانِ
فهوَ سَكرٌ ككتِفٍ وسَكْرانُ بفتح فسُكُون وهو الأكثر . وهي سَكرِةُ كفرِحة وسَكْرى بالألف المقْصُورة كصرْعى وجرْحى . قال ابن جنِّي في المُحْتسب : وذلك لأنَّ السُّكْرَ علَّةُ لحقتْ : عُقولهُم كما أنّ الصَّرَع والجُرْحَ علَّة لحقتْ أجسامَهم وفعْلى في التَّكْسيرِ مما يخْتصُّ به المُبْتلون
وسَكْرانةٌ وهذه عن أبي علي الهجريّ في التذْكِرة قال : ومن قال هذا وجبَ عليه أن يصْرفَ سَكْران في النَّكرة وعَزاها الجوْهريّ والفيُّومي لبني أسد وهي قليلةٌ كما صَرَّح به غيرُهُما وزاد المُصنف في البَصائر في النُعُوتِ بعد سَكْرانَ سكِّيراً كسكِّيت . وقال شيخُنا - عند قوله : وهي سَكِرة - : خالفَ قاعدته ولم يقُلْ وهي بهاءٍ فوجَّه أن سَكْري في صِفاتِها ولو قال : وهو سَكِرٌ وسَكْران وهي بهاءٍ فيهما وسَكْري لجري على قاعدته وكان أخْصر
ج سُكارى بالضّمّ وهو الأكْثرُ وسَكارى بالفتْح لُغةٌ للبعْض كما في المِصْباح . وقال بعضهم : المشهورُ في هذه البنيةِ هو الفتحُ والضمّ لُغةٌ لكثيرٍ من العربِ قالوا : ولم يردْ منه إلا أربعةُ ألفاظٍ : سكارى وكسالى وعجالى وغيارى كذا في شرحِ شيخنا
وفي اللسانِ قوله تعالى " ترىَ الناسَ سُكارى وما هم بسكارى " لم يَقْرَأ أحدٌ من القُراءِ سَكارَى بفتح السين وهي لُغَة ولا تجوزُ القرَاءَةُ بها لأن القراءةَ سُنة . قُرئ سَكْرَى وما هُمْ بَسَكَرى وهي قراءَةُ حَمْزَةَ والكِسائِي وخَلَف العاشر والأَعْمَش الرابع عشر كذا في إِتْحافِ البَشَرِ تَبَعاً للقَباقِبِي في مِفْتَاحه كذا أَفَادَهُ لنا . بعضُ المُتقنينَ ثم رأيت في المُحْتَسِب لابن جِنِّي قد عَزا هذه القراءةَ إلى الأَعْرَج والحَسَن بخلاف
قال شيخُنَا : وحكى الزَّمَخْشَرِي عن الأَعْمَش أنه قُرِئ : سُكْرَى بالضم قالوا : وهو غريب جِداً إذ لا يُعْرَف جمْعٌ على فُعْلَي بالضم انتهى
قلْت : ويَعْنِي به في سورة النساءِ " لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتَم سُكْرَى " وهو رواية عن المطوعي عن الأعمش صرَّح بذلك ابنُ الجَزَرِيّ في النّهَاية وتابعه الشيخُ سُلطان في رسائلِهِ وظاهِرُ كلامِ شيخنا يقتضى أنه رواية عن الأَعْمَش في سورةِ الحَجّ وليس كذلك ولذا نَبَّهْتُ عليه فتأَمَّل . ثم رأَيت في المُحْتَسِب لابن جِنِّي قال : ورَوَيْنَا عن أبي زُرْعَة أنه قَرَأها يعني في سورة الحَج سُكْرَى بضم السبن والكاف ساكنة كما رواه ابنُ مَجَاهدِ عن الأَعْرَجِ والحَسَن بخلاف . وقال أبو الهَيْثَم : النَّعْتُ الذي على فَعْلان يُجْمَع على فَعَالَى وفُعالى مثل أَشْران وأشارَى وأُشارَى وغَيْرَان وقومٌ غَيارَى وغُيَارى . وإنما قالوا : سَكْرَى وفَعْلَى أَكْثَرُ ما تجئُ جَمْعاً لفَعِيلٍ بمعنى مَفْعُول مثل : قَتِيل وقَتْلَى وجَرِيح وجَرْحي وصَرِيع وَصَرْعَى لأنه شُبّه بالنَوْكى والحَمْقَى والهَلْكَى لزوالِ عَقْلِ السَّكْرَان وأما النَّشْوَانُ فلا يُقَال في جَمْعِه غير النَّشاوَى
وقال الفرَّاءُ : لو قِيلَ : سَكْرَى على أن الجَمْعَ يقعُ عليهِ التَّأنِيثُ فيكون كالواحِدَةِ كان وَجْهاً وأنشد بعضُهم :
أضْحَتْ بَنُو عامِرٍ غَضْبَى أُنُوفُهمُ ... إني عَفَوْتُ فلا عارٌ ولا بَاسُوقال ابنُ جِنِّي في المُحْتَسبِ : أما السَّكَارَى بفتح السين فتَكْسِيرٌ لا مَحَالَة وكأَنه مُنْحَرفٌ به عن سَكَارِينَ كما قالوا : نَدْمَانُ ونَدَامَى وكأَن أَصْلَه نَدَامِين كما قالوا في الاسم : حَوْمانة وحَوامِين ثم إِنَّهُم أبدَلُوا النون ياءً فصار في التَّقْدِيرِ سَكَارِىّ كما قالوا : إِنْسَانٌ وأَناسِي وأصلُها أَناسِينُ فأَبْدَلُوا النونَ ياءً وأَدْغَمُوا فيها ياءَ فَعاليل فلما صار سَكَارِى حذَفُوا إحدَى الياءَيْن تخفيفاً فصار سَكارِى ثم أبدلوا من الكسرةِ فَتْحَةً ومن الياءِ ألفاً فصار سَكَارَى كما قالوا في مدارٍ وصحارٍ ومعايٍ مدارا وصَحارَا ومَعايَا . قال : وأما سُكارَى بالضّم فظاهرُه أن يكون اسماً مُفْرَداً غير مُكَسَّرٍ كحُمَادَى وسُمانَى وسُلامَي وقد يجوزُ أن يكون مُكَسَّراً ومما جاءَ على فُعال كالظُّؤارِ والعُرَاقِ والرُّخالِ إلا أنَّه أُنِّثَ بالأَلفِ كما أُنِّثَ بالهاءِ في قولهم : النُّقاوةَ . قال أبو علي : هو جمع نَقْوَة وأُنِّث كما أُنِّثَ فِعالٌ في نحو حِجَارَة وذِكَارَةٍ وعِبَارَة قال : وأَما سُكْرَى بضمّ السين فاسمٌ مُفْرَدٌ على فُعْلَى كالحُبْلَى والبُشْرَى بهذا أفتانِى أَبو علي وقد سأَلْتُه عن هذا . انتهى
وقوله تعالى " لا تَقْرَبُوا الصّلاةَ وأَنْتُم سُكَارَى " . قال ثعلب : إِنَّمَا قِيلَ هذا قَبْلَ أن يَنْزِل تَحْرِيمُ الخَمْرِ . وقال غيره : إِنَّمَا عَنَى هنا سُكْرَ النَّوْم يقول : لاتَقْرَبُوا الصَّلاةَ رَوْبَى . والسِّكَّيرُ كسِكِّيتٍ والمِسْكِيرُ كمِنْطِيقٍ والسَّكِرُ ككَتِف والسَّكُورُ كصَبُورٍ الأَخيرَةُ عن ابن الأَعرابي : الكَثيرُ السُكرِ . وقيل : رجلٌ سِكيرٌ مثل سِكيتٍ : دائمُ السكرِ وأنشدَ ابنُ الأَعرابِي : لعَمْرِو بنِ قَميئَةَ :
يا رُبَّ من أَسْفَاهُ أَحْلامُه ... أنْ قِيلَ يَوْماً إِنّ عَمْراً سَكُورْ . وأنشدَ أبو عَمْرٍو له أيضاً :
إن أكُ مِسْكِيراً فلا أَشرَبُ الوَغْ ... لَ ولا يَسْلَمُ مني البَعِيرْ وجَمْعً السَّكرِ ككَتفٍ سُكَارى كجمْع سَكْرانَ لا عْتقابِ فعلِ وفَعْلانَ كثيراً على كلمة الواحدة . وفي تنزيل العزيز " تَتَّخِذُونَ منه سَكَراً ورِزْقاً حَسَناً " . قال الفراءُ : السَّكَرُ مُحَرَّكَةً : الخَمْرُ نفسُها قبل أن تُحَرَّم والرِّزْقُ الحَسَنُ : الزَّبِيبُ والتَّمرُ وما أشبَهَهُمَا وهو قولُ إبراهيمِ والشَّعْبِي وأبي رُزَيْن . قولهم : شَربْتُ السكرَ : هو نبيذُ التَّمرِ وقال أبو عُبَيْد : هو نقَيعُ التمرِ الذي لم تَمسه النارُ ورُوِىَ عن ابن عُمَر أنه قال : السَّكَرُ من التَّمْر وقيل : السَّكرُ شرابٌ يُتَّخَذُ من التَّمْرِِ والكَشُوثِ والآسِ وهو مُحَرَّم كتَحْرِيمِ الخَمْر
وقال أبو حنيفة : السَّكَرُ يُتَّخَذُ من التمر والكَشُوثِ يُطْرَحَان سافاً سافاً ويُصبُّ عليه الماءُ قال : وزعم زاعمٌ أنه رُبَّما خُلِطَ به الآسُ فزادَهُ شِدةً . وقال الزَّمَخْشَرِي في الأساس : وهو أَمَرُّ شرابٍ في الدُنْيَا . يقال : السَّكَرُ : كُل ما يُسْكِرُ ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " حُرِّمَت الخَمْرُ بعَينِها والسَّكَرُ من كُلِّ شرابٍ " رواه أحمد كذا في البصائر للمُصَنف وقال ابنُ الأَثيرِ : هكذا رواه الأَثْباتُ ومنهم من يرويه بضمّ السين وسكون الكاف يريدُ حالة السَّكْرَان فيجعلون التَّحْرِيم للسُّكرِ لا لنْفْس المُسْكرِ فيُبِيحُون قليله الذي لا يُسْكرُ والمشهور الأوّل
روىَ عن ابن عباس في هذه الآية : السَّكرَ : ما حُرمَ من ثَمَرةٍ . قبلَ أنْ تُحَّرم وهو الخَمرُ والرِّزْقُ الحَسَن : ما أُحلَّ من ثَمَرةٍ من الأَعْنَابِ والتُّمُورِ هكذا أورده المصنف في البصائر . ونص الأَزهريّ في التهذيب عن ابن عباس : السَّكرُ : ما حُرمَ من ثمَرَتِها والرِّزْقُ : ما أُحِلّ من ثمَرَتِها . وقال بعضُ المُفَسَّرين : إنَّ السَّكرَ الذي في التَّنْزيل هو : الخَلُّ وهذا شْئٌ لا يعرفًه أهل اللُّغة قاله المُصنف في البصائر
وقال أبو عبيدة وحده : السَّكرُ : الطَّعَامُ يقول الشاعر :
" جعَلْتَ أعْراضَ الكِرامِ سَكَراأي جَعَلتَ ذمَّهمْ طُعْماً لك وأنْكَره أئمَّة . وقال الزَّجَّاج : هذا بالخمْرِ أشْبهُ منه بالطعام والمعنى : تتخَمَّرُ بأعْراضِ الكِرام . وهو أبْينُ مما يُقال للذي يبْترِك في أعراضِ النّاس . عن ابن الأعرابيّ : السَّكَرُ : الامتلاء والغضَبُ والغَيْظُ . يقال : لهم علىَّ سَكَرٌ أي غَضَبٌ شديدٌ وهو مجاز وأنشدَ اللحْيانيّ وابن السِّكِّيتِ :
فجاؤُونا بهمْ سَكَرٌ علينا ... فأجْلَى اليْومُ والسَّكْرانُ صاحي السَّكَرّةُ بهاءٍ : الشيْلمُ وهي المُريراءُ التي تكون في الحنْطة . والسَّكْرُ بفتح فسكون : المَلءُ قال ابن الأعرابيّ : يقال : سَكَرْتُهُ : مَلأْتُه . والسَّكْرُ : بقْلَةٌ من الأحْرار عن أبي نَصْر وهو منْ أحسَنِ البُقولِ قال أبو حنيفة : ولم تبْلُغْني لها حِلْيَةٌ . والسَّكْرُ : سّدُّ النهرِ وقد سَكَره يَسْكُرُه إذا سَدَّ فاهُ وكلُّ بثْق سُدَّ فقد سُكِرَ . والسِّكْرُ بالكسر : الاسْمُ منْه وهو العَرِمُ وكلّ ما سُدَّ به النهرُ والبثقُ ومُنْفَجرُ الماءِ فهو سِكْرٌ وهو السدادُ وفي الحديث أنه قال للمُسْتحاضَةِ لما شَكَتْ إليه كَثْرَةَ الدمِ : اسْكُرِيه أي سُديهِ بِخِرقةٍ وشُدِّيهِ بعِصِابةٍ تشبيهاً بسَكْرَ الماء . والسِّكْرُ أيضاً : المُسَنَّاةُ ج سُكُورٌ بالضم
ومن المجاز : سَكَرَتِ الرّيحُ تَسْكُرُ سُكُوراً بالضم وسَكَراناً بالتَّحريك : سَكَنَتْ بعد الهُبُوبِ وريحٌ ساكِرَةٌ وليلةٌ ساكِرَةٌ : ساكِنَةٌ لا ريحَ فيها قال أوسُ بن حجر :
تُزادُ لياليّ في طُولِهَا ... فلَيْسَتْ بطَلْقٍٍ ولا ساكِرَهْ والسَّكْرَانُ : وادٍ بمَشَارفِ الشام من نَجْد وقيل : وادٍ أسْفَلَ من أمَج عن يَسارِ الذاهب إلى المَدينة وقيل جَبَلٌ بالمدينة أو بالجَزِيرةِ قال كُثَيِّر يصفُ سَحاباً :
وعَرّسَ بالسَّكْرانِ يَوْمَيْنِوارْتَكَى ... يَجُرّ كما جَرّ المَكيِثَ المُسافِرُ والسِّيْكران كضَيْمران : نَبْتٌ قال ابن الرِّقاعِ :
وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمسِ كُلَّ بَقِيةٍ ... من النَّبْتِ إلا سَيْكَراناً وحُلَّبا قال أبو حنيفةَ : هو دائمُ الخُضْرَةِ القَيْظَ كُلَّه يُؤكَلُ رَطْباً وحَبُّه أخْضَرُ كحَبِّ الرازيانَج إلا أنّه مُسْتديرٌ وهو السُّخّرُ أيضاً . والسَّيْكَرانُ : ع . وسكر كزُفَر : ع على يومَيْنِ من مِصْر من عَملِ الصَّعيدِ قيل : إنّ عبدَ العزيز بن مروانَ هَلَك بها . قلت : ولعلّه أسْكَرُ العدَوِية من عملِ إطْفيح وبه مَسْجِدُ موسى عليه السّلام قال الشريشي في شرح المقامات : وبها وُلد . والسُّكَّر بالضمّ وشّدّ الكاف من الحلْوى معروف مُعرّبُ شَكَرَ بفتحتين قال :
يَكُونُ بعدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرُ ... في فَمهِ مِثْلَ عَصِيرِ السُّكَّرِ واحدتُه بهاءٍ وقولُ أبي زياد الكلابيّ في صفة العُشَرِ : وهو مُرُّ لا يأْكُلُه شْئٌ ومغافِيرهُ سُكَّرٌ إنما أرادَ مثلَ السُّكَّرِ في الحلاوة . ونقلَ شيخُنا عن بعض الحُفّاظ أنّه جاءَ في بعض ألفاظِ السُّنّةِ الصَّحيحة في وَصْف حَوْضه الشَّريفِ صلى الله عليه وسلم " ماؤُه أحْلى من السُّكَّرِ قال ابن القيمِ وغيره : ولا أعْرِفُ السُّكَّر جاءَ في الحَديث إلاّ في هذا الموْضع وهو حادثٌ لم يَتَكَلَّمْ به مُتَقَدِّمُو الأطّباءِ ولا كانوا يَعْرِفُونه وهو حارٌّ رَطْبٌ في الأَصَحّ وقيل : باردٌ وأجودُه الشَّفّاف الطَّبَرْزدْ وعتيقُه ألْطفُ من جديده وهو يَضُرّ المعدةَ التي تتولَّدُ منها الصَّفْراءُ لاستحالته إليها ويَدْفعُ ضَررهَ ماءُ اللِّيمِ أو النارنْجِ
والسُّكَّرُ : رُطبٌ طَيِّبٌ نوْع منه شديدُ الحلاوةِ ذَكَره أبو حاتم في كتابِ النَّخلَة والأزهريّ في التهذيبِ وزاد الأخيرُ : وهو مَعْروفٌ عند أهلِ البحرينِ قال شيخُنا : وفي سجِلْماسَة ودَرْعة قال : وأخبرنا الثِّقاتُ أنه كثيرٌ بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه رُطبٌ لا يُتْمِرُ إلا بالعلاجوالسُّكَّرُ : عنبٌ يُصيبُه المَرَقُ فينتْشِرُ فلا يبْقى في العُنْقودِ إلا أقَلّه وعَناقيدُه أوْساطٌ وهو أبْيَضُ رَطْبٌ صادقُ الحلاوةِ عذبٌ وهو من أحْسنِ العنَبِ وأظْرَفه ويُزَبَّبُ أيضاً والمَرَقُ بالتَّحْريك : آفةٌ تُصيبُ الزَّرْعَ . والسُّكَّرَةُ : ماءَةٌ بالقادسيةِ لحلاوةِ مائِها
وابن سُكَّرَةَ : محمد بن عبد الله ابن محمد أبو الحسن الشاعر المُفْلقُ الهاشميُّ الزاهدُ المعرُوفُ بَغْداديٌّ من ذُريةِ المنْصورِ كان خليعاً مشهوراً بالمُجُون توفي سنة 385 وأبو جعفرَ عبدُ اللهِ بنُ المُباركِ ابن الصباغِ يُعرفُ بابنِ سُكَّرةَ روى عن قاضي المرِسْتان . والقاضي أبو عليٍّ الحسنُ بنُ محمد بن فُهيْرة بن حيُّونَ السَّرَقُطسْيّ الأندلُسيُّ الحافظ ابن سُكَّرَةَ وهو الذي يُعبِّر عنه القاضي عياضٌ في الشِّفا بالشَّهيد وبالصَّدَفيّ إمامٌ جليل واسع الرِّحْلةِ والحفْظِ والروايةِ والدِّراية والكتابة والجدّ دخل الحرَمَيْن وبَغدادَ والشام ورَجَع إلى الأنْدلُس بِعلْم لا يُحْصر وله ترْجمةٌ واسعة في شُروحِ الشِّفاء
وسُكَّرٌ بلا لام وهاءٍ : لَقَبُ أحمد بن سُليمانَ وفي بعض النُّسخ أحْمد بن سُليمانَ الحَربْيّ المُحدث مات بعد السِّتِّمائَة . أبو الحسن عليُّ بن الحَسَن ويقال : الحُسين بن طَاوُوس بن سُكَّر بن عبد الله الدَّيرُ عاقولي محدث واعظ نزيل دمشق روي بها عن أبي القاسمِ بن بِشْرانَ وغيره ومات بِصُور سنة 484 . وفاته : عليُّ بنُ محمِّدِ بنِ عُبَيْد بن سُكَّر القارِئ المِصْري كتب عنه السِّلفيّ . وأمةُ العزيز سُكَّرُ بنتُ سهْل بن بِشْرٍ روى عنها ابن عَساكر
ومحمَّدُ بنُ عليِّ بنِ مُحَمِد بنِ عَليّ ابن ضِرْغَام عُرِفَ بابن سُكَّرٍ المْصْريّ نزيلُ مكّة سمع الكثيرَ وقرأ القِرَاءَت وكتبَ شيئاً كثيراً . وأخوه أحْمَدُ بنُ عَليّ بن سُكَّر الغَضَأئِرِيّ حدَّث عن ابن المِصْري وغيره . قلْت : وقد روى الحافظُ بن حَجَر عن الأخِيريْن . قلت : وأبو عليٍّ الحسنُ بنُ عليِّ ابن حيْدرةَ بن محمد بن القاسم بن ميْمونِ بن حَمْزة العلويّ عُرفَ بابن سُكَّر من بيتِ الرِّياسة والنُبْل حدَّثَ ترْجمَه المُنْذري . وعَمّ جَدَّه أبو إبراهيمَ أحمد بن القاسم الحافظ المُكْثِرُ . وككتفٍ سَكِرٌ الواعظُ ذكرهُ البُخاريّ في تاريخه هكذا في سائر النُّسخ التي بأيْدينا وقد راجعْتُ في تاريخِ البُخاريّ فلم أجِدهُ فرأيْتُ الحافظَ بن حَجَر ذكَرَهُ في التَّبصيرِ أنه ذكَرَهُ ابن النجار في تاريخه وأنه سمعَ منه عُبيدُ الله بن السَّمَرْقنْديّ . فظهرَ لي أنّ الذي في النُّسخِ كلُّها تَصْحيفٌ
والسَّكَّارُ ككَتّانٍ : النَّباذُ والخَمّارُ . من المَجاز : سَكْرّةُ الموتِ والهَمِّ والنَّومِ : شدَّتُه وهَمُّه وغَشْيتُه التي تَدُلّ الإنسانَ على أنَّه مَيِّتٌ . وفي البصائر - في سَكْرَةِ الموتقال : هو اختلاطُ العقلِ لشدَّةِ النَّزْع قال الله تعالى " وجَاءَتْ سَكْرَةُ المْوتِ بالحقِّ " وقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنَّه كان عِنْدَ وفاتِه يُدْخلُ يديهِ في الماءِ فيَمْسَحُ بهما وجْهَهُ يقولُ : لا إله إلا الله إنّ للمْوتِ سَكَراتٍ ثمَّ نَصَبَ يدهُ فجعلَ يقولُ : الرَّفيق الأعلى حتَّى قُبِضَ ومالتْ يدُه "
وسَكَّرَه تَسْكيراً : خَنَقه والبعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى يكاد يقْتُلُه
من المجاز : سُكِرَتْ أبصارُهُم وسُكِّرَتْ وسُكِّرَ بصَرُهُ : غُشي عليه وقوله تعالى : " لقالُوا : إنما سُكِّرَتْ أبْصارُنا " أي حُبستْ عن النّظرِ وحُيِّرَتْ أو معناها غُطِّيتْ وغُشِّيتْ قاله أبو عَمرو بن العلاء وقرأها الحسن سُكِرَتْ بالتَّخْفيف أي سُحرَتْ وقال الفراءُ : أي حُبِستْ ومُنِعتْ من النَّظَر . وفي التهذيب : قُرِئَ سُكِرتْ وسُكِّرَتْ بالتخفيف والتشديد ومعناهما : أغْشيتْ وٍُسدَّتْ بالسّحْر فيتخايلُ بأبْصارِنا غيرُ ما نرىوقال مُجاهد : سُكِّرَتْ أبصارُنَا أي سُدتْ قال أبو عُبيدٍ : يذْهبُ مُجاهدٌ إلى أنَّ الأبْصارَ غَشيَها ما منعها من النّظر كما يمنَع السّكْرُ الماءَ من الجري . وقال أبو عُبيدةَ : سُكِّرَتْ أبصارُ القوْمِ إذا ديرَ بهمْ وغَشيهُم كالسمادير فلم يُبْصروا . وقال أبو عمْرو بن العلاءِ : مأْخُوذٌ من سُكْرِ الشَّرابِ كأنّ العينَ لَحقها ما يلْحقُ شاربَ المُسْكرِ إذا سَكَرَ . وقال الزَّجاج : يقال : سَكَرَتْ عينُه تَسْكُر إذا تَحيّرَتْ وسَكَنَتْ عن النَّظرِ . والمُسَكَّرُ كمُعظَّم : المَخْمُور قال الفرَزْدَقُ : أبا حاضِرٍ من يزنِ يُعْرفْ زِناؤْه ومن يشْرَبِ الخُرْطومَ يُصبِحْ مُسَكَّرَا ومما يستدرك عليه : أسْكَرَه الشّرَابُ وأسْكَرَه القريصُ وهو مجاز . ونقل شيخنا عن بعضٍ تعْديته بنفْسه أي من غير الهمزة ولكن المشهور الأول . وتساكَرَ الرَّجُلُ : أظْهَرَ السُّكْرَ واسْتْعمَلَه قال الفرزْدّقُ :
أسَكْرانَ كانَ ابن المراغةِ إذ هجا ... تميماً بجَوْفِ الشَّأمِ أم مُتساكِرُ وقولُهم : ذهبَ بينّ الصحْوةِ والسَّكْرّة إنّما هو بينّ أن يعْقلَ ولا يعْقل . والسَّكْرَةُ : الغَضْبةُ . والسَّككْرَةُ : غلَبَةُ اللَّذةِ على الشبابِ . وسَكَرَ من الغضَب يَسْكَرُ من حدّ فرحَ إذا غَضَبَ . وسكَرَ الحَرُّ : سكَنَ قال :
جاءَ الشِّتاءُ واجْثَألَّ القُبرُ ... وجعلتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ والتَّسْكيرُ للحاجة : اختلاطُ الرَّأي فيها قبْلَ أن يعزم عليها فإذا عزمَ عليها ذَهبَ اسم التَّسْكير وقد سُكِرَ . وقال أبو زيْد : الماءُ السّاكِرُ : الساكن الذي لا يَجْري وقد سَكَرَ سُكورا وهو مجاز . وسُكِرَ البحرُ : ركد قاله ابن الأعرابيّ وهو مجاز . وسُكَيْرُ العباس كزُبَيْرٍ : قريةٌ على شاطئ الخابورِ وله يومٌ ذَكَره البلاذُري . ويقال سَكَرَ البابَ وسَكَّرَهٌ إذا سدَّه تشْبيهاً بسدِّ النَّهر وهي لغة مَشْهورةٌ جاءَ ذِكُرها في بعض كُتُب الأفعالِ قال شيخنا : وهي فاشيةٌ في بوادِي إفْريقيَّةَ ولعلَّهُمْ أخذوها من تَسْكيرِ الأنهارِ . وزاد هنا صاحبُ اللسَانِ وغيره : السُّكُرْكةُ وهي : خَمْرُ الحبشَةَ قال أبو عُبيدٍ : هي من الذُّرَة . وقال الأزهريّ : ليست بعربيّة وقيده شَمِرٌ بضم فسُكونٍ والراءُ مضمومةٌ وغيره بضم السين والكافِ وسكون الرّاء ويُعَرّب السُّقُرْقع وسيأتي للمصنف في الكاف وتُذكر هناك إن شاء الله تعالى
وأسْكُوران : من قُرى أصْفَهان منها محمد بن الحسنِ بن محمد بن إبراهيم الأسْكُوراني توفي سنة 493 . وأسْكَرُ العدوِية : قرْيَةٌ من الصَّعيد وبها وُلدَ سيدُنا مُوسى عليه السلام كما في الرَّوض وقد تقدمت الإشارة إليه . والسُّكَّرِيّة : قريةٌ من أعمالِ المُنُوفية . وبنو سُكَيْر : قَوم
والسَّكْرانُ : لقبُ محمد بن عبد الله ابن القاسمِ بن محمد بن الحُسَيْن بن الحَسَنِ الأفْطس الحَسَني لكثرة صلاته بالليل . وعقبُه بمصْرَ وحلبَ
وهو أيضاً : لقبُ الشَّريفِ أبي بكْرِ ابن عبد الرّحمنِ بن محمد بن عليّ الحُسَيْني باعلوي أخي عُمرَ المِحْضار ووالدِ الشَّريف عبد الله العَيْدرُوس توفي سنة 831 . وبنو سَكْرَةَ بفتح فسكون : قومٌ من الهاشمييِّن قاله الأميرُ . والسَّكرانُ بن عمرو بنُ عبد شَمْسِ ابن عَبْدودٍّ أخو سَهْلِ بن عَمْرٍو العامِرِيّ من مُهاجرة الحبشةِ . وأبو الحسَن عليُّ بنُ عبد العزيزِ الخَطيب عماد الدين السُّكَّريّ حدَّثَ توفي بمصر سنة 713
السُّكْرُكَةُ بالضّمِّ أَهمَلَه الجوهري والصّاغانيُ وظاهِر سِياقِه أَنّه مِثْلُ نُمرقَةٍ وضَبَطَه ابنُ الأَثِيرِ بضَمِّ السينِ والكافِ وسُكُونِ الرّاءِ وهو شَرابُ الذُّرَةِ يُسكِرُ وهو خَمْرُ الحَبَشَةِ وذكره أَيضًا أَبو عُبَيدٍ في كِتابِه وهي لَفْظَةٌ حَبَشِيَّة وقد عُربتَ وقيل : السُّقُرقعُ كما مَرّ في حرفِ العَيْنِ وفي الحَدِيثِ : أَنَّه سُئلَ عن الغُبَيراءِ فقالَ : لا خَيرَ فيها وَنَهي عَنْها قال مالِكٌ : فسَألْتُ زَيْدَ بنَ أسْلَمَ : ما الغُبيراءُ ؟ فقال : هي السكُركَةُ