اعراب جملة

ما اعراب "اجدادنا السابقون"

1 إجابة

علي | جواب على سؤال منذ 9 سنوات

   لِهَذِهِ الجُمْلَةِ احْتِمالانِ لِلإعْرابِ مُتَعَلِّقانِ بِكَلِمَةِ ( السّابِقُونَ ) ، فَكَلِمَةُ ( السابِقُونَ ) تُعْرَبُ نَعْتًا وَتُعْرَبُ خَبَرًا .

  أَمّا الاحْتِمالُ الأَوَّلُ ، فَالإعْرابُ هُوَ :

 أَجْدادُنَا : أَجْدادُ : مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ الضَمَّةُ الظاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ ، وَهُوَ مُضافٌ ، وَ ( نا ) : مُضافٌ إلَيْهِ ، وَهُوَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالإضافَةِ .

 السابِقُونَ : نَعْتٌ ( صِفَةٌ ) لِلأَجْدادِ مَرْفُوعٌ ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ الْواوُ نِيابَةً عَنِ الضَمَّةِ لأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سالِمٌ ، وَالنُونُ المَفْتُوحَةُ عِوَضٌ عَنِ التَنْوِينِ فِي الاسْمِ المُفْرَدِ .

   وَالجُمْلَةُ في هَذا الاحْتِمالِ ناقِصَةٌ وَغَيْرُ مُفِيدَةٌ لِعَدَمِ وُجُودِ خَبَرٍ لِلْمُبْتَدَأِ يُفْصِحُ عَنِ المَعْنَى وَيُوَضِّحُ حالَةَ وَوَضْعَ الأَجْدادِ ، إلاّ إذا كانَ الخَبَرُ مَوْجُودًا وَلَكِنَّكَ لَمْ تَذْكُرْهُ فِي الجُمْلَةِ وَأَرَدْتَ إعْرابَ هَتَيْنِ الكَلِمَتَيْنِ فَقَطْ ، وَعَلى هَذا فإن الجُمْلَةَ صَحِيحَةٌ وَكامِلَةٌ وَمُفِيدَةٌ .

  وَأَمَّا الاحْتِمالُ الثانِي فَالإعْرابُ هُوَ :

 أَجْدادُنَا : أَجْدادُ : مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ الضَمَّةُ الظاهِرَةُ عَلَى آخِرِهِ ، وَهُوَ مُضافٌ ، وَ ( نا ) : مُضافٌ إلَيْهِ ، وَهُوَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالإضافَةِ .

 السابِقُونَ : خَبَرُ المُبْتَدَأِ مَرْفُوعٌ ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ الواوُ نِيابَةً عَنِ الضَمَّةِ لأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سالِمٌ ، وَالنُونُ المَفْتُوحَةُ عِوَضٌ عَنِ التَنْوِينِ فِي الاسْمِ المُفْرَدِ .

   وَالجُمْلَةُ فِي هَذا الاحْتِمالِ كامِلَةٌ وَصَحِيحَةٌ وَمُفِيدَةٌ لِوُجُودِ رُكْنَيْهَا الأَساسِيَّيْنِ ، وَهُمَا المُبْتَدَأُ وَالخَبَرُ ، وَتَرْجِعُ مَعْرِفَةُ الإعْرابِ الصَحِيحِ إلى مَعْرِفَةِ مَقْصُودِ المُتَكَلِّمِ .

 

--اُنْظُرِ التَوْضِيحَ –

 

   الإعْرابُ هُوَ تابِعٌ لِمَقْصُودِ المُتَكَلِّمِ ، أَيْ مَعْنَى كَلامِهِ ، وَقَدْ قالَ الأُسْتاذُ  (مازِنُ المُبارَكُ ) :  " إنَّ النَحْوِيَّ الَّذِي يُخَرِّجُ وَجْهًا مِنْ وُجُوهِ الإعْرابِ غَيْرَ مُراعٍ إِصابَةَ المَعْنَى المَقْصُودِ ، هُوَ نَحْوِيٌّ لَمْ يَفْهَمْ صَنْعَتَهُ وَلَمْ يَتَمَثَّلِ الغايَةَ مِنْ عِلْـمِهِ " . وَمَعْنَى هَذا الكَلامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ نَفْهَمَ وَنَعْرِفَ قَصْدَ المُتَكَلِّمِ  قَبْلَ أَنْ نُحَدِّدَ إعْرابًا لِلْجُمْلَةِ وَالكَلِمَةِ . مِثالُ ذَلِكَ هَذِهِ الجُمْلَةُ : ( أَطْعَمَ الأَب الإبْن ) ، فَإنَّهُ مِنَ الخَطَأِ أَنْ نَتَعَجَّلَ وَنُعْرِبَ الأَبَ فاعِلاً وَالإبْنَ مَفْعُولاً بِهِ قَبْلَ مَعْرِفَةِ مَنِ الذِي أَطْعَمَ الآخَرَ ، فَإنْ كانَ الأَبُ هُوَ مَنْ أَطْعَمَ إبْنَهُ فَإنَّ الأَبَ يُعْرَبُ فاعِلاً وَتُوْضَعُ الضَمَّةُ عَلَى آخِرِ الكَلِمَةِ ، وَالإبْنَ يُعْرَبُ مَفْعُولاً بِهِ وَتُوْضَعُ الفَتْحَةُ عَلى آخِرِ الكَلِمَةِ ، وَيَكُونُ ضَبْطُ الجُمْلَةِ كَمَا يَلِي : ( أَطْعَمَ الأَبُ الإبْنَ ) . وَإنْ كانَ الإبْنُ هُوَ مَنْ أَطْعَمَ أَباهُ فَإنَّ الأَبَ يُعْرَبُ مَفْعُولاً بِهِ مُقَدَّمًا وَتُوْضَعُ الفَتْحَةُ عَلَى آخِرِ الكَلِمَةِ ، وَالإبْنَ يُعْرَبُ فاعِلاً  مُؤَخَّرًا وَتُوْضَعُ الضَمَّةُ عَلَى آخِرِ الكَلِمَةِ ، وَيَكُونُ ضَبْطُ الجُمْلَةِ كَمَا يَلِي : ( أَطْعَمَ الأَبَ الإبْنُ ) .

   وَهَذِهِ القاعِدَةُ حاضِرَةٌ فِي كُلِّ إعْرابٍ ، فَإنْ  كانَ مَقْصُودُ المُتَكَلِّمِ بِكَلِمَةِ ( السابِقُونَ ) وَصْفًا للأَجْدادِ ، فإنَّ ( السابِقُونَ ) تُعْرَبُ نَعْتًا ( صِفَةً )  للأَجْدادِ ، وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكامُ النَعْتِ في الأعْرابِ ، وَهِيَ أَنْ يُطابِقَ النَعْتُ ما قَبْلَهُ ( ما يَصِفُهُ ) في أَرْبَعَةِ أَشْياءَ ، مِنْ بَيْنِها  الإعْرابُ ، بِحَيْثُ إذا كانَ مَرْفُوعًا كانَ النَعْتُ مَرْفُوعًا ، وَهَذا ما جَعَلَ كَلِمَةَ ( السابِقُونَ ) مَرْفُوعَةً ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَقِيَّةُ حالاتِ الإعْرابِ.

   أَمَّا إنْ كانَ مَقْصُودُ المُتَكَلِّمِ الإخْبارَ وَالإعْلامَ وَالتَأْكِيدَ عَلى أَنَّ السَّبْقَ للأَجْدادِ ، فإن ( السابِقونَ ) تُعْرَبُ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ ، وَخَبَرُ المُبْتَدَأِ مَرْفُوعٌ دائمًا .

   وَالمَأْلُوفُ أَنَّ الخَبَرَ يَأْتِي نَكِرَةً كَمَا فِي قَوْلِكَ : ( السَماءُ صافِيَةٌ ) ، ( الطَقْسُ جَمِيلٌ ) ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ الخَبَرُ فِي العَرَبِيَّةِ مَعْرِفَةً لِأَنَّ مَجِيءَ الخَبَرِ مَعْرِفَةً يُفِيدُ مَعْنًى إضافِيًّا وَجَدِيدًا عَلَى الجُمْلَةِ ، فَالفَرْقُ واضِحٌ بَيْنَ جُمْلَتَيْ ( الكِتابُ مُفِيدٌ ) وَجُمْلَةِ ( الكِتابُ المُفِيدُ ) ، فَالجُمْلَةُ الأُولى إخْبارٌ عَنْ فائدَةِ الكِتابِ فَقَط وَأَنَّهُ مُفِيدٌ مِنْ ضِمْنِ مَجْمُوعَةِ أَشْياءَ مُفِيدَةٍ أُخْرَى ، أَمَّا الجُمْلَةُ الثانِيَةُ فَهِيَ تَأْكِيدٌ وَحَصْرٌ لِلْفائدَةِ فِي الكِتابِ وَأَنَّ الفائدَةَ الحَقِيقِيَّةَ مِنْهُ ، وَغَيْرُهُ لَيْسَ فِيهِ فائدَةٌ ،  وَيَكُونُ التَقْدِيرُ : ( الكِتابُ المُفِيدُ لا غَيْرَ )، أَيْ : الكِتابُ هُوَ المُفِيدُ فَقَط ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ التَقْدِيرُ فِي جُمْلَةِ ( أَجْدادُنَا ) : ( أَجْدادُنَا السابِقُونَ لا غَيْرَ ) ، أَيْ : أَجْدادُنا هُمُ السابقونَ فَقَط .

   وَهَذا الأُسْلُوبُ تَعْرِفُهُ العَرَبُ ، حَتَّى إنَّهُ قَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي القُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعالى : { هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ } ، فَكَلِمَةُ ( العَدُوُّ ) خَبَرٌ ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ ، وَالتَقْدِيرُ ( هُمُ العَدُوُّ لا غَيْرَ ) ، أَيْ : اليَهُودُ هُمُ العَدُوُّ فَقَطْ ، وَهُمْ عَدُوُّكُمْ أَبَدَ الدَهْرِ لا غَيْرَهُمْ ، وَعَداوَتُهُمْ حَقِيْقِيَّةٌ وَظاهِرَةٌ ، وَهَذا المَعْنَى لا تُؤَدِّيْهِ جُمْلَةُ ( هُمْ عَدُوٌّ ) .


الرجاء تسجيل الدخول أو سجل لإضافة سؤالك