بواسطة محمد بوزاهير
الوعي البيئي هو الخطوة الأولى للحفاظ على الحياة
حماية البيئة والحرص على سلامتها من أهم العوامل الرئيسية للمحافظة على صحة أفراد المجتمع، وهو عامل يمكنهم من أداء واجباتهم ويساهم في رفعة ورقي أمتهم، لأن صحة المجتمع تبدأ بصحة الفرد والأسرة. الدكتور عديسان إبراهيم أبو عبدون من كلية الآداب والعلوم جامعة الشارقة، أحد المهتمين بالبيئة وتنميتها والحفاظ عليها، يقول: الوعي البيئي هو الخطوة الأولى التي توصلنا لتوفير بيئة سليمة وصحية تسعد الأسرة بالعيش بها والانتماء لها، وتأخذ بأسباب الرقي للمجتمع من خلال الجوانب التالية الاهتمام بالغذاء والمنزل.
يتابع الدكتور أبو عبدون متحدثا عن البيئة المنزلية: تعتبر النظافة الصحية الجزء الرئيسي للوقاية من الأمراض و الآفات التي تحدث التلوث الهوائي والغذائي والمائي والسمعي، مما يؤثر على الجسم ويؤدي إلى القلق والإرهاق، والذي يؤدي كذلك إلى قلة القدرة العقلية و العضلية في العمل فيقل الإنتاج وتزيد التكلفة،
وبنفس المنظور نرى أن الطعام مطلب أساسي في الحياة الصحية، غير أنه قد يصبح سبيلا لعوامل تلوث بيولوجية حيوية أو مواد كيماوية إذا تعرض لها، فقد تدخل الملوثات الغذاء من خلال مراحل إنتاجه في الحقل، أو من خلال تحضيره في البيت أو خزنه أو نقله، ويجب الحرص على نظافة الغذاء والمحافظة عليه، ولنظافة المنزل دور كبير في الحد من التلوث بأشكاله المختلفة والوقاية من الأمراض، مما يساعد على حماية الأطفال وتمكنهم من اللعب في بيئة نظيفة، بعيدة عن مسببات الأمراض والمخاطر الصحية.
ويتابع الدكتور عديسان أبوعبدون: الماء أيضا يعد شريان الحياة، وفي حال تلوثه تتعرض صحة المجتمع كله للخطر والهلاك بأمراض كثيرة، ويمكن أن يصلنا تلوث المياه من ما يسمى “بالتلوث الحراري” لمياه الأنهار و البحار، وهو عامل يؤثر على الكائنات المائية بسبب نقص الأكسجين الناتج عن ارتفاع حرارة المياه، وينتج عن تلوث المياه كذلك انبعاث الروائح والغازات الكريهة، وتكاثر الذباب و القوارض وانتشار الأمراض وزيادة سرعة انتقالها.
يكمل الدكتور عديسان قائلا إن التلوث الكيميائي للمياه يحصل بسبب وجود مواد كيميائية سامة، مثل الرصاص والزرنيخ والزئبق والفسفور، ومن المبيدات الحشرية والأسمدة ومركبات مقاومة الآفات الزراعية، ويتسبب التلوث الكيميائي في إكساب المياه رائحة ومذاقا غير مقبول بالإضافة إلى التسبب في انتشار الأمراض والآفات، والتخلص من الفضلات النفايات أمر مهم، فهناك أنواع كثيرة من الفضلات منها الفضلات الجافة، ويعني بها الفضلات التي لا تصرف في أنابيب الصرف الصحي، وتتسبب في تكاثر الذباب والفئران وبالتالي انتشار الأمراض، ويجب التخلص من الفضلات الجافة بعد جمعها ونقلها إلى أماكن معدة للتخلص منها وبالطرق الصحيحة.
التلوث الجوي أو تلوث الهواء أمر خطير لأن الهواء عنصر أساسي للحياة، ويحتاجه الإنسان والحيوان والنبات، ويدخل في تركيب الهواء بعض الملوثات حسب طبيعة المنطقة، ومنها أكاسيد النيتروجين والكبريت والأمونيا وتنتشر في الهواء أيضا كمية من الغبار والدقائق الصلبة وكميات من الجراثيم الفطرية وحبوب اللقاح، كما يتسبب تلوث الهواء في إلحاق الضرر الكبير بالبيئة والإنسان، لأن الأطفال يقضون جزءا كبيرا من أوقاتهم خارج المنزل، مما يعرضهم للعديد من الأمراض الحساسية مثل الربو، وأمراض الجهاز التنفسي مثل التهاب الأنف والحنجرة ومرض اللوكيميا، لذا يجب تجنب هذه المخاطر والحرص على بيئة ذات هواء نقي. من أنواع التلوث أيضا التلوث السمعي، يتابع د. عديسان: إن التلوث السمعي نتيجة الضوضاء يأتي من الآلات المختلفة وخاصة الثقيلة منها مثل المولدات والأجهزة الكهربائية، مثل الغسالات والتلفزيون والراديو والبيانو وأصوات المركبات والمعدات الصناعية والمكيفات، أصوات الطائرات.
تؤثر الضوضاء على الجهاز السمعي للإنسان بمقدار يعتمد على شدة الضوضاء ومدة التعرض، وقد يسبب الصمم المؤقت الذي يزول تأثيره بزوال المؤثر أو الصمم الدائم الذي لا يمكن شفاؤه، والذي ينتج عن تحلل الشعيرات الحساسة في الأذن الداخلية حيث تفقد الأذن وإلى الأبد حساسيتها للصوت، ومن تأثيرات الضوضاء السلبية الأخرى حدوث اضطرابات على وظائف المعدة و الغدد الصماء، والإجهاد السريع على جسم الإنسان وانخفاض قدرة الإنسان على التركيز، والضجيج في المدرسة والمنزل يسبب الأرق الشديد لدى الأطفال.
تأثير الرطوبة
يجد الدكتور عديسان أن للرطوبة تأثير كبير على جسم الإنسان، وأفضل درجات الرطوبة النسبية الملائمة لجسم الإنسان 40 – 50 %، وانخفاض الرطوبة النسبية عن ثلاثين في المائة يعيق حركة الجسم ويؤثر على عمل الإنسان، كما أن ارتفاع نسبة الرطوبة وبشكل خاص مع ثبوت درجة الحرارة يسبب إعاقة الإنسان عن القيام بعمله، ويمنحه الشعور بالإرهاق السريع والتعب، ولعل الخروج من البيئات شديدة الحرارة إلى البيئات الخارجية الباردة غير صحي.
ينصح الدكتور بتهوية المنزل ومواقع العمل، لأن غياب التهوية الجيدة له آثار سيئة على صحة الجسم، فالهواء الطبيعي هو الأكثر ملاءمة للإنسان لأنه يحتوي على نسبة ملائمة من الأكسيجين، والمطلوب التهوية الطبيعية من خلال الأبواب و النوافذ، أو حتى التهوية الصناعية عن طريق سحب الهواء الداخلي، وإدخال كمية مساوية للكمية المسحوبة من الهواء الخارجي.
دور المؤسسات التعليمية
يتحدث د. عديسان عن دور الجهات التربوية المختلفة في نشر الوعي البيئي، فيقول: للمؤسسات التعليمية دور مهم ويجب عليها الاضطلاع به عن طريق تقديم برامج توعية، تهدف إلى إطلاع العاملين في هذه الجهات بمخاطر تلوث البيئة، وأهمية المشاركة والوقاية من الأمراض والآفات وذلك من خلال توفير مدرسين مدربين على القضايا البيئية، وإدخال برامج الوعي البيئي ضمن مناهج التدريس وتشجيع الطلبة على المشاركة، إلى جانب تشجيع الطلبة على الاحتفال بالمناسبات البيئية، والتي تشمل الرياضة وغرس الأشجار، وتنبيه الطلبة عن الخطر الناجم عن شراء أطعمة ملفوفة بالجرائد أو مواد أخرى قد تلوث الطعام.