الفَلْتَةُ بالفَتْح : " آخِرُ لَيْلَةٍ مِن " الشَّهْرِ وفي الصّحَاح : آخرُ لَيْلَةٍ من " كُلِّ شَهْر أَو آخِرُ يوم من الشَّهْرِ الذِي بَعْدَهُ الشَّهْرُ الحَرَامُ " كآخرِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الآخِرَة وذلك أَنْ يَرَى فيهِ الرَّجُلُ ثَأْرَهُ فرُبَّمَا تَوانَي فِيهِ فإِذا كان الغَدُ دَخَلَ الشَّهْرُ الحَرَامُ ففَاتَهُ قال أَبُو الهَيْثَمِ : كان العَربِ في الجاهِلِيَّةِ ساعَةٌ يُقَالُ لها : الفَلْتَةُ يُغِيرُون فيها وهي آخِرُ ساعَةِ من آخِرِ يَوْمٍ من أَيَّامِ جُمَادَى الآخِرة يُغِيرُون تِلْكَ الساعَةَ وإِن كان هِلالُ رَجَب قد طَلَعَ تلك الساعَةَ ؛ لأَنّ تلك الساعَةَ مِن آخِرِ جُمَادى الآخِرَةِ ما لم تَغِب الشَّمْسُ وأَنشد :
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُو ... هِ كأَنَّما يَقْمُصْنَ مِلْحَا
صَادَفْنَ مُنْصُلَ أَلَّةٍ ... في فَلْتَةٍ فَحَوَيْنَ سَرْحَا وقيل : لَيْلَةٌ فَلْتَةٌ : هي التي ينْقُصُ بها الشَّهْرُ ويَتِمٌّ فربما رأَى قومٌ الهلالَ ولم يُبْصِرْه الآخرون فيُغِيرُ هؤلاءِ على أُولئك وهم غَارُّونَ وذلك في الشهر وسُمِّيَتْ فَلْتَةً ؛ لأَنَّهَا كالشّيْءِ المُنْفَلِتِ بعد وَثاقٍ وأَنشد ابن الأَعْرَابيّ :
وغارَةُ بَيْن اليَوْمِ واللَّيْلِ فَلْتَةٌ ... تَدَارَكْتُها رَكْضاً بِسِيد عَمَرَّدِ شبَّه فَرَسَه بالذِّئْبِ . يُقَال : " كَانَ ذلك " الأَمْرُ فَلْتَةً أَي فَجْأَةً من غير تَرَدُّدٍ و " لا " تَدَبُّرٍ " . وعبَارَةُ المِصْبَاحِ : أَي فَجْأَةً حَتَّى كأَنَّه انْفَلَتَ سَرِيعاً ؛ وفي الحَديث " إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كانَتْ فَلْتَةً وَقَى اللهُ شَرَّهَا " قيل : الفَلْتَةُ هنا مُشْتَقَّةٌ من الفَلْتَةِ آخِرِ لَيْلَةٍ من الأَشْهُرِ الحُرُمِ فَيَخْتَلِفُون فيها أَمِنَ الحِلّ هي أَمْ من الحَرَمِ فيُسارع المَوتُورُ إِلى دَرْكِ الثَّأْرِ فيَكْثُرُ الفَسَادُ وتُسْفَكُ الدّماءُ فشَبَّهَ أَيامَ النَّبيِّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم بالأَشْهُرِ الحُرُمِ وَيَوْمَ مَوْتِهِ بالفَلْتَةِ في وقوع الشَّرِّ من ارتدادِ العَرَبِ وتَوَقُّفِ الأَنْصَارِ عن الطَّاعَةِ ومَنْعِ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ والجَرْيِ على عَادَةِ العَرَبِ في أَن لا يَسُودَ القبيلَةَ إِلاّ رَجُلٌ مِنْهَا . ونَقَل ابنُ سِيدَه عن أَبي عُبيدٍ : أَراد : فَجْأَةً وكَانَتْ كذلك ؛ لأَنَّها لم تُنْتَظَرْ بها العَوامُّ إِنما ابْتَدَرَهَا أَكابِرُ أَصحابِ رسولِ الله صلّى الله علَيْهِ وسلّم من المُهَاجِرِينَ وعامَّةِ الأَنْصارِ إِلاّ تِلْكَ الطَّيْرَةَ التي كانَتْ من بَعْضِهِمْ ثم أَصْفَقَ الكُلُّ له بمَعْرِفَتْهِم أَنْ لَيْسَ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مُنازِعٌ ولا شَرِيكٌ في الفضلِ ولم يكن يُحْتَاجُ في أَمْرِه إِلى نَظَر ولا مُشاوَرَةٍ . وقال الأَزْهَرِيُّ : إِنما معن فَلْتَة : البَغْتَةُ قال : وإِنما عُوجِلَ بها مُبَادَرَةً لانْتِشارِ الأَمْرِ حتى لا يَطمَعَ فيها من ليسَ لها بِمَوْضِعٍ . وقال ابنُ الأَثِيرِ : أَرادَ بالفَلْتَة الفَجْأَةَ ومِثْلُ هذِهِ البيعة جَدِيرةٌ بأَن تكون مُهَيِّجَةً للشَّرِّ والْفِتْنَةِ فعَصَم اللهُ تعالى من ذلك وَوَقَى قالَ : والفَلْتَةَ : كُلُّ شَيْءٍ فُعِلَ من غَيْرِ رَوِيَّة وإِنما بُودِرَ بها خَوْفَ انْتِشَارِ الأَمْرِ . وقيل : أَرِادَ بالفَلْتَةِ الخَلْسَةَ أَي أَنّ الإِمَامَةَ يومَ السَّقِيفَة مَالَت الأَنْفُسُ إِلى تَوَلِّيهَا ولذلك كَثُرَ فيها التَّشَاجُرُ فما قُلِّدَهَا أَبُو بَكْر إِلاّ انْتزَاعاً من الأَيْدي واخْتِلاساً كما في لسانِ العرب ومثله في الفائقِ والمُحْكَم وغيرها ووجدت في بعض المَجَاميع : قال عليُّ بنُ الإِسْرَاج : كان في جِوَارِي جَارٌ يُتَّهَمُ بالتَّشَيُّعِ وما بانَ ذلك منه في حالٍ من الحالاتِ إِلا في هِجاءِ امرأَتِهِ فإِنه قال في تَطْلِيقها :
ما كُنْتِ من شَكْلِى ولا كُنْتُ منْ ... شَكْلِكِ يا طَالِقَةُ الْبَتَّهْ
غَلطْتُ في أَمْرِكِ أُغْلُوطَةً ... فأَذْكَرَتْنِي بَيْعَةَ الفَلْتَهْو " أَفْلَتَنِي الشَّيْءُ وَتَفَلَّتَ مِنِّي " . وأَفْلَتَ الشَّيْءُ و " انْفَلَتَ " بمَعْنىً واحدٍ " وأَفْلَتَهُ غَيْرُه " : خَلَّصَهُ وفي الحَدِيثِ " تَدَارَسُوا القُرْآنَ فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً من الإِبِلِ من عُقُلِها " التَّفَلُّتُ والانْفِلاتُ والإِفْلاتُ : التَّخَلُّصُ من الشَّيْءِ فَجْأَةً مِنْ غَيْر تَمَكُّث وفي الحديثِ " أَنَّ رَجُلاً شَرِبَ خَمْراً فَسَكِرَ فَانْطُلِقَ بِهِ إِلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا حَاذَى دارَ العبَّاسِ انْفَلَتَ فدَخَلَ عليه فَذَكَرَ ذلِك له فضَحِكَ وقَالَ : أَفَعلَهَا ؟ ولم يَأْمُرْ فيه بشَيْءٍ وفي حديث آخر " فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ وأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ من يَدي " أي تَتَفَلَّتُونَ فحُذِفت إِحدى التَّاءَين تخْفِيفاً . ويقال : أَفْلَتَ فلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ يُضْرَبُ مَثَلاً للرَّجُلِ يُشْرِفُ على هَلَكَةٍ ثم يُفْلِتُ كَأَنَّهُ جَرَعَ الموْتَ جَرْعاً ثم أَفْلَتَ مِنْه . والإِفْلاتُ يكونُ بِمَعْنَى الانْفِلاتِ لازِماً وقد يكون واقِعاً يقال : أَفْلَتُّهُ من الهَلَكَةِ أَي خَلَّصْتُه وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ :
وأَفْلَتَنِي مِنْهَا حِمَارِى وجُبَّتِي ... جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتِي وحِمَارِيَا وعن أَبي زَيْد : من أَمثَالِهِمْ في إِفْلاتِ الجَبانِ " أَفْلَتَنِي جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ " إِذا كَانَ قَرِيباً كقُرْبِ الجُرْعَةِ من الذَّقَنِ ثم أَفْلَتَهُ قال أَبو مَنْصُور : معنى أَفْلَتَنِي أَي انْفَلَتَ مِنّي وقيل : معنَاه أَفْلَتَ جَرِيضاً قال مُهلهِل :
منّا عَلَى وَائِلٍ وأَفْلَتَنَا ... يَوْماً عَدِىٌّ جُرَيْعةَ الذَّقَنِ وسيأْتي البَحْثُ في ذلك في ج ر ض وعن ابن شُمَيْل : أَفلَتَ فلانٌ من فلان وانْفَلَتَ ومَرَّ بنا بَعِيرٌ مُنْفَلِتٌ ولا يُقَالُ مُفْلِتٌ وفي الحَدِيثِ عن أَبي مُوسى قالَ : قالَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم : " إِنَّ اللهَ لَيُمْلِى للظَّالِمِ حتّى إِذا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " أَي لَمْ يَنْفَلِتْ مِنْهُ . " وافْتَلَتَ " الشَّيْءَ : أَخَذَه في سُرْعَة قالَ قيْسُ بنُ ذَريح :
" إِذَا افْتَلَتَتْ مِنْكَ النَّوَى ذَا مَوَدَّةٍحَبِيباً بتَصْدَاعٍ من البَيْنِ ذِي شَعْب
" أَذَاقَتْكَ مُرَّ العّيْشِ أَوْ مُتَّ حَسْرَةًكما مَاتَ مَسْقِىُّ الضَّيَاحِ على الأَلْبوافْتَلَتَ " الكَلامَ " واقْتَرَحَهُ إِذا " ارْتَجَلَهُ " " وافْتُلِتَ " فلانٌ " على بِنَاءِ المَفْعُولِ " وعبارةُ الصّحاح : على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه أَي " مَاتَ فَجْأَةً " . وعن ابن الأَعرابيّ : يُقَال لِلْمَوْتِ الفَجْأَةِ المَوْتُ الأَبْيَضُ والجَارِفُ واللاَّفِتُ والفَاتِلُ . يُقَال : لَفَتَهُ الموْتُ وفَلَتَهُ وافْتَلَتَهُ وهو الموْتُ الفَوَاتُ " والفُوَات وهو أَخْذَةُ الأَسَفِ وَهُوَ الوَحِىُّ . والموتُ الأَحْمَرُ : القتلُ بِالسَّيْفِ والموتُ الأَسْوَدُ : هو الغَرَقُ والشَّرَقُ وفي الحديث : " أَنَّ رَجُلاً أَتاهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها فمَاتَتْ ولم تُوصِ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا ؟ فقالَ : نَعَمْ " قال أَبو عُبَيْدٍ : افتُلِتَتْ نَفْسُها : يَعْنِي ماتَتْ فَجْأَةً ولم تَمْرَضْ فَتُوصِيَ ولكنها أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتَةً . يقال : افْتلَتَهُ إِذا اسْتَلَبَه . افْتُلِتَ " بَأَمْرِ كَذَا : فُوجِىءَ بِه قَبْلَ أَن يَسْتَعِدَّ لَهُ " هكَذَا في سائِرِ النُّسَخِ وفي أُخرى : فُجِىءَ بِه بغير الوَاو الأَوّلُ من المُفَاجأَة والثاني من الفَجْأَةِ ويُرْوَي بنَصْبِ النفسِ ورفْعِها فمعنى النصب افتَلَتَها اللهُ نَفْسَها يتعدّى إِلى مفعولين كما تقول : اخْتَلَسَهُ الشَّيْءَ واستَلَبَه إِيّاه ثم بنى الفعل لِمَا لم يُسَمَّ فاعلُهُ فتَحوَّلَ المَفْعُولُ الأَولُ مُضْمَراً وبقي الثاني منصوباً وتكون التاءُ الأَخِيرَةُ ضَمِيرَ الأُمِّ أَي افْتُلِتَتْ هِيَ نَفْسَها وأَما الرَّفْعُ فيكون متعدِّياً إِلى مفعول واحد أَقَامَهُ مُقَامَ الفَاعِلِ وتكون التَّاءُ لِلْنَّفْسِ أَي أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتَةً . وكُلُّ أَمْرٍ فُعِلَ على غير تَلَبُّثٍ وتَمَكُّثٍ فقد افْتُلِتَ والاسْم الفَلْتَةُ وقال حُصَيْبٌ الهُذَليُّ :
كَانُوا خَبِيئَةَ نَفْسِي فاقْتُلِتُّهُمُ ... وكُلُّ زَادٍ خَبِىءٍ قَصْرُهُ النَّفَدُقال : افْتُلِتُّهُمْ : أُخِذُوا مِنّي فَلْتَةً زَادٌ خَبِىءٌ : يُضَنُّ بِهِ . " والفَلَتَانُ مُحَرَّكَةً " : المُتَفَلِّتُ إِلى الشَّرِّ وقيل : الكَنِيزُ اللَّحْمِ والفَلَتَانُ : السَّرِيعُ والجَمْعُ فِلْتَانٌ عن كُرَاع . والفَلَتَانُ " النَّشِيطُ " يقال : فَرَسٌ فَلَتَانٌ أَي نَشِيطٌ حَدِيدٌ الفُؤَادِ . في التهذيب : الفَلَتَان والصَّلَتَان من التَّفَلُّت والانْصِلاتِ يقال ذلك : للرَّجُلِ الشَّدِيدِ " الصُّلْب " ورَجُلٌ فَلَتَانٌ : نَشِيطٌ حديدُ الفُؤادِ . الفَلَتَان . " الجَرىءُ " يقال رَجُلٌ فَلَتَانٌ وامْرَأَةٌ فَلَتَانَةٌ . الفَلَتَانُ بِنُ عَاصِمٍ الجَرْمِى " صَحَابِيُّ " الفَلَتَانُ " طَائِرٌ " زَعَمُوا أَنَّه " يَصِيدُ القِرَدَةَ " قال أَبو حاتم : هو الزُّمَّجُ وهو يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَةِ ورُبَّما أَخَذَ السَّخْلَةَ والصّغِيرَ وكذا في حياة الحَيَوَان وغيره . " وكِسَاءٌ فَلُوتٌ " كصَبُورٍ وضُبط في بعض النسخ كتَنُّور وهو خَطَأٌ " : لا يَنْضَمٌّ طَرَفَاهُ " على لا بِسِه " من صِغَرِهِ " وقيل : لخُشُونَتِهِ أو لِينِه كما قاله ابنُ الأَعْرَابيّ وثَوْبٌ فَلُوتٌ : لا يَنْضُّم طَرَفَاهُ في اليَدِ وقول مُتَمِّمٍ في أَخِيه مالِكٍ : عَلَيْه الشَّمْلَةُ الفَلُوتُ يعنى التي لا تَنْضَمُّ بين المَزَادَتَيْنِ وفي حديث ابنِ عُمَرَ : " أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ ومعه جَمَلٌ جَزُورٌ وبُرْدَةٌ فَلُوتٌ " قال أَبو عُبيد : أَراد أَنها صَغِيرةٌ لا ينْضَمُّ طَرَفاهَا فهي تُفْلِتُ من يَدِه إِذا اشْتَمَلَ بها . وعن ابن الأَعْرَابيّ : الفَلُوتُ : الثَّوْبُ الذِي لا يَثْبُتُ على صاحبهِ لِلِينِه أَو خُشُونَتِهِ وفي الحديث : " وهو في بُرْدَةٍ له فَلْتَةٍ " أَي ضَيِّقَة صغيرَةٍ لا يَنْضَمُّ طَرَفَاهَا فهي تَفَلَّتُ من يدِهِ إِذا اشْتَمَل بها " فسمّاها بالمَّرة من الانفلات " يقال : بُرْدُ فَلْتَةٌ وفَلُوتٌ كذا في لسان العرب . أَراه يَتَفَلَّتُ إِلى صُحْبتِك من " تَفَلَّتَ إِلَيْهِ " إِذا " نَازَعَ " فيه تَفَلَّتَ " عَلَيْه " إِذا " تَوَثَّبَ " وفي الحديث : " إِنَّ عفْريتاً مِن الجنِّ تَفَلَّتَ علىَّ البَارِحَةَ " أَي تَعرّضَ لي في صَلاتي فَجْأَةً وتقول : لا أَرى لك أَن تَتَفَلَّتَ إِلى هذا ولا أَن تَتَلَفّت إِليه . في الأَساس : فَالَتَهُ به مُفَالَتةً وفِلاتَاً : فاجَأَه . و " الفِلاَتُ المُفَاجَأَةُ " نقلَه الصّاغَانيّ وسيأْتي في ف ل ط أَنَّ الفِلاطَ بِمعنى المُفَاجأَة لغةُ هُذَيْلٍ نقله الجوهَريّ وغيره . " وسَمَّوْا أَفْلَتَ " وفُلَيْتاً وفَلِيتَةَ " كأَحْمَدَ وزُبَيْرٍ وسَفِينَة " فمن الأَول : أَفْلَتُ بنُ ثُعَلَ بنِ عَمْرِو بن سلسلة الطّائيّ أَبو غَزِيَّةَ وعَدِيٍّ أُمراءِ الحجاز والعراقِ ومن الثاني : فُلَيْتٌ العَامِرِيُّ عن حَبْرَةَ بنتِ دِجَاجَة وآخرون ومن الثالث فَلِيتَةُ بنُ الحَسَنِ بن سُلَيْمَان بن مَوْهُوبٍ الحَسَنِيّ بيَنْبُعَ والأَمِير الشُّجَاعُ فَلِيتَةُ بنُ قاسِمِ بنِ محمَّد بن جَعْفَرٍ الحَسَنِىّ ابن أَخي شُمَيْلَة الذِي سمع على كريمَةَ المَرْوَزِيّة مَلَكَ مَكَّةَ بعد أَبيه وتوفي سنة 527 ، وشُكْر ومُفَرِّج ومُوسى بنو فَلِيتَةَ هذا وصَفَهم الذَّهَبِيّ بالإِمارة . قُلْتُ : والشريفُ تاجُ الدين هاشِمُ بن فَلِيتَة وَلِيَ مكّة وكذا ولده قاسِم بن هاشمٍ ومنهم الأَمير قُطْبُ الدين عيسى ابنُ فَلِيتَةَ وَلَي مكةَ أَيضاً وحَفِيدُه الأَمير محمد بنُ مُكْثِر بن عيسى هو الذي أَخذ عنه مكّةَ قَتَادةُ بن إِدريسَ بنِ مُطَاعِن الحَسَنِىٌ جَدُّ الأُمراءِ الموجودينَ الآن كذا ذكرَه تاج الدين بن معية النَّسَابة وذكر عبدُ اللهِ بنُ حَنْظَلةَ البَغْدَاديّ في تاريخه : أَن قَتَادَةَ أَخَذَ مَكَّةَ من يَد مُكْثِرِ بنِ عيسى سنة 597 ، وأَبو فَلِيتَةَ قاسمُ بنُ المُهَنَّى الأَعْرَجُ الحُسَيْنِيّ : أَميرُ المدينةِ زَمنَ المُسْتَنْصِرِ العباسيّ وأَخَذَ مكةَ وتولاَّهَا ثلاثَة أَيامٍ في موسمِ سنة 571 . " وفَرَسٌ فِلْتَانٌ بالكَسْرِ ويُحَرَّكُ وفُلَتٌ كصُرَدٍ وَ " فُلَّتٌ بضم فتشديد مثل " قُبَّرٍ " أَي " سَرِيعٌ " نقله الصاغانيّ هكذا وقد تقدَّمَ النقلُ عن الثِّقَاتِ أَن الفَلَتَانَ مُحرَكةً :الفَرَسُ النَّشِيطُ الحديدُ الفؤادِ السَّرِيعُ وجمعه الفِلْتَانُ بالكسر عن كُرَاع . " وَمَالَكَ منه فَلَتٌ مُحَرَّكَةً أَي لا تَنْفَلِتُ مِنْه " أَي لا تَخْلُصُ . من المجاز " فَلَتَاتُ المَجْلِسِ : هَفَوَاتُه وَزلاَّتُه " . وفي حديث صِفةِ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم " ولا تُنْثَى فَلْتَاتُهُ " أَي زَلاَّتُهُ والمعنى : أَنَّه صلَّى الله عليه وسلّم لم يَكُنْ في مجلسه فَلَتَاتٌ فتُنْثَى أَي تُذْكَرُ أَو تُحْفَظُ وتُحْكَي وقيل : هذَا نَفْىٌ للفَلَتَاتِ ونَثْوِها كقول ابن أَحمرَ : ُ النَّشِيطُ الحديدُ الفؤادِ السَّرِيعُ وجمعه الفِلْتَانُ بالكسر عن كُرَاع . " وَمَالَكَ منه فَلَتٌ مُحَرَّكَةً أَي لا تَنْفَلِتُ مِنْه " أَي لا تَخْلُصُ . من المجاز " فَلَتَاتُ المَجْلِسِ : هَفَوَاتُه وَزلاَّتُه " . وفي حديث صِفةِ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم " ولا تُنْثَى فَلْتَاتُهُ " أَي زَلاَّتُهُ والمعنى : أَنَّه صلَّى الله عليه وسلّم لم يَكُنْ في مجلسه فَلَتَاتٌ فتُنْثَى أَي تُذْكَرُ أَو تُحْفَظُ وتُحْكَي وقيل : هذَا نَفْىٌ للفَلَتَاتِ ونَثْوِها كقول ابن أَحمرَ :
لا تُفْزِعُ الأَرْنَبَ أَهْوَالُهَا ... ولا تَرَى الضَّبَّ بها يَنْجَحِرْ لأَنَّ مجلِسَه كان مَصُوناً عن السَّقَطاتِ واللَّغْو وإِنّما كان مجلِسَ ذِكْرٍ حَسَنٍ وحِكَمٍ بالِغَةِ وكلامٍ لا فُضُولَ فِيهِ
ومما يُسْتَدْرك عليه : قولهم : افْتَلَتَ عليه إِذا قَضَى عليه الأَمْرَ دُونَه وفي المُسْتَقْصى : أَفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ . وأَفْلَتَ بِجُرَيْعةِ الذَّقَنِ وقد تقدّم . وأَفْلَتَ إِلى الشَّيْءِ كتَفَلَّتَ : نَازَعَ . والفَلْتَةُ : الأَمْرُ يَقَعُ من غيرِ إِحْكَامٍ وقال الكُمَيْتُ : بفَلْتَةٍ بين إِظْلامٍ وإِسْفَارِ والجَمعُ فَلَتَاتٌ لا يُتَجَاوَزُ بها جمْعَ السَّلامةِ واللاَّفِتُ والفَاتِلُ : موتُ الفَجْأَةِ والفَلاَّتَة بالتَّشديد : ناحِيةٌ متَّسعِة بالمَغْرب . وفَالَتَهُ كلاَفَتَهُ : صادَفَهُ عن ابن الأَعْرَابيّ
اللَّتُّ : الدَّقُّ قال امرُؤُ القيْسِ يَصفُ الحُمُرَ :
تَلُتُّ الحَصَى لَتّاً بسُمْر رَزِينَة ... مَوارِنَ لا كُزْمٍ ولا مَعِرَاتِ قال : تَلُتُّ أَي تَدُقُّ بحوافِرَ سُمْرٍ وذلك أَصْلَبُ لها والكُزْمُ القِصَار وقال هِمْيانُ :
" حَطْماً على الأَنْفِ ووَسْماً عَلْبَا
" وبالعَصا لَتّاً وخَنْقاً سَأْبَا قالَ أَبو منصور : وهذا حرف صحيح اللَّتُّ " : الشَّدّ والإِيثاقُ " يقال : لَتَّ الشىءَ يَلُتُّه إِذا شَدّه وأَوْثَقَهُ . عن ابنِ الأَعرابيّ : اللَّتُّ " : الفَتُّ " اللَّتّ " : السَّحْقُ " زاده الصاغانيّ . ولَتَّ السَّوِيقَ والأَقِطَ ونَحْوَهُما يَلُتُّه لَتّاً : جَدَحَه وقيل : بَسَّهُ بالماءِ ونحْوِه وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
" سَفَّ العَجُوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتَا
وعن اللَّيث : اللَّتُّ بَلُّ السَّوِيقِ والبَسُّ أَشَدُّ منه يقال : لَتَّ السَّوِيقَ أَي بَلَّهُ . " واللُّتَاتُ بالضّمّ : ما فُتَّ من قُشُور " الخَشَبِ ويروى عن الشافعيّ - رضي الله عنه - أَنه قال في باب التيمّم : ولا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بلُتَاتِ " الشَّجَرِ " وهو ما فُتَّ من قِشْرِه اليابِس الأَعْلى قال الأَزهريّ : لا أَدْرِي لِتَاتٌ أَم لُتَاتٌ وفي الحديث : " ما أَبْقَى مِنّي إِلاّ لُتَاتاً " كأَنّه قال : ما أَبْقَى مني المَرَضُ إِلا جِلْداً يابساً كقِشْرَةِ الشَّجَرِ اللُّتَاتُ " : ما لُتَّ بِه " وفي كتاب اللَّيْث : اللَّتُّ : الفِعْلُ من اللُّتَاتِ وكُلُّ شْىءٍ يُلَتُّ به سَوِيقٌ أَو غَيْرُه نحوُ السَّمْنِ ودُهْنِ الأَلْيَةِ . في حديث مُجاهِد - في قوله تعالى : " أَفَرَأَيْتُم اللاَّتَ والعُزَّى " قال : كان رَجُلاً يَلُتُّ السَّوِيقَ لَهُم وقرأَ : أَفَرَأَيْتُمُ " اللاَّتٌ " والعُزَّى " مُشَدَّدَةَ التّاءِ " وهو " صَنَمٌ " . قال الفَرّاءُ : والقراءَةُ " اللاَّتَ " بتخفيف التاءِ قال : وأَصْلُه اللاَّتُّ بالتشديد " وقرأَ بِها ابنُ عَبّاسٍ و " مَوْلاهُ " عِكْرِمَةُ " ومُجَاهِدٌ " وجَمَاعةٌ " كمنصورِ بنِ المُعْتَمِر والأَعْمَشِ والسِّخْتِيَانيّ ونقله الفَرَّاءُ عن البَزِّيِّ ويَعْقُوبَ . " سُمِّنَ بالذي كان يَلُتُّ عِنْدَهُ السَّوِيقَ بالسَّمْنِ " أَي يَخِلطُه به " ثم خُفِّفَ " وجُعل اسماً للصنّم . وفي اللِّسان : اللاَّتُّ - فيما زعم قومٌ من أَهلِ اللُّغَةِ - صَخْرَةٌ كان عندها رَجُلٌ يَلُتّ السَّوِيقَ للحَاجّ فلما ماتَ عُبِدَتْ قال ابن سيده : ولا أَدْرِي ما صِحَّةُ ذلك . وفي النهاية وذكر أَنّ التاءِ في الأَصل مخَفَّفة للتَّأْنيث وليس هذا بابها وكان الكسائيّ يقف عند اللاَّت بالهَاءِ قال أَبو إِسحاق : وهذا قياس والأَجْوَدُ اتّباعُ المُصْحَفِ والوقوفُ عليها بالتّاءِ قال أَبو منصور : وقول الكسائيّ يوقَفُ عليها بالهاءِ يَدُلّ على أَنه لم يَجْعَلْها من اللَّتِّ وكان المُشْرِكونَ الذين عبَدُوها عَارَضوا باسْمِها اسمَ اللهِ تَعالى اللهُ عُلُوّاً كَبِيراً عن إِفْكِهم ومُعارَضتِهم وإِلْحَادِهم في اسمه العَظيم . قلت : وعلى قراءَةِ التخفيف قولٌ آخر حكاه أَهل الاشتقاق وهو أَن يكون اللاَّتُ فَعْلَة من لَوَى ؛ لأَنَّهم كانوا يَلْوُون عَليْها أَي يَطُوفُون بها قال شيخنا : وبه صَدَّرَ البيضاوىّ تَبَعاً للزمخشريّ أَي وعليه فموضِعُه المُعْتَلّ . وفي الرَّوْض للسُّهَيْلّي : أَنّ الرجلَ الذي كان يَلْتُّ السَّويقَ للحَجِّ هو عَمْرُو بن لُحَىٍّ ولما غَلَبت خُزَاعةُ على مكَّةَ ونفت جُرْهُمَ جَعَلَتْه العَربُ رَبّاً وأَنَّه اللاَّتُّ الذي كان يَلُتُّ السَّوِيقَ للحَجِيجِ على صَخْرَةٍ مَعروفة تُسمّى صَخرةَ اللاَّتِّ وفيل : إِن الذي كان يَلُتُّ السويقَ من ثَقيفٍ فلما مات قالَ لهم عَمْرُو بنُ لُحَىّ : إِنّه لم يَمُتْ ولكنه دخَلَ الصَّخرَةَ ثم أَمَرَهم بعبادَتِها وبَنَى بَيْتاً عليها يُسّمى اللاَّت يقال : إِنّه دامَ أَمرُه وأَمرُ وَلدِه من بعدِه على هذا ثلاثمائة سنة فلما هَلَكَ سُمِّيت تلك الصَّخْرةُ اللاَّتَ مُخففةَ التاءِ واتُّخِذَتْ صنَماً تُعْبَد . وأَشار المُفَسِّرونَ إِلى الخلافِ : هل كانت لثَقيف في الطَّائِف أَو لقُرَيْش في النَّخْلَة كما في الكشَّاف والأَنوارِ وغيرِهما كذا في شرح شيخِنا . وقولُ شيخِنا فيما بعد - عند قول المُصَنّف : ثم خُفّف - : قد عِلمْتَ أَنّ الذي خَفَّفوه لم يَقُولوا : أَصلُه التَّشْديد بل قالوا : هو مُعْتَلٌّ مِن لَواه إِذا طاف بِه إِنما هو نَظراً إلى ما صَدّرَ به القَاضي وإِلاّ فابنُ الأَثِير والأَزهريّ وغيرهما نقلوا عن الفراءِ وغيرِه التَّخفيفَ من التَّشْدِيد كما سبقَ آنِفاً . قد " لُتَّ فلانٌ بِفُلانٍ " إِذا " لُزَّبِه " أي شُدَّ وأُوثِقَ " وقُرِنَ معه " . " واللَّتْلَتَةُ : اليَمينُ الغَمُوسُ " نقله الصاغانيّ عن ابنِ الأَعرابيّ وهو في الأَساس أَيضاً . وأَصابَنَا مَطَرٌ من صَبِيرٍ لَتَّ ثِيابَنَا لَتّاً فأَرْوَضَتْ منه الأَرْضُ كُلُّها أَي بَلَّها كذا في الأَساس