التَّوْعُ : مَصْدَرُ تُعْتُ اللِّبَأَ والسَّمْنَ وتِعْتُه وأَتُوعُه وأَتِيعُه تَوْعاً وتِيْعاً واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ علَى اللَّغُةِ الأُولَى وذَكَرَ الثانِيَةَ ابنُ شُمَيْلٍ إِذا كَسَرْتَه بقِطْعَة خُبْزٍ تَرْفَعُهُ بهَا نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ عن اللَّيْث . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ : تُعْ تُعْ بالضَّمِّ فِيهِمَا : أَمْرٌ بالتَّوَاضُعِ وهو مِن التَّوْعِ
والتَّيُّوع مَشَدَّدَةً عَلَى تَفْعُولٍ وهذا الضَّبْطُ مَعَ طُولِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التّاءَ زائدَةٌ لأَنَّهُ وَزَنَهُ بِتَفْعُولٍ ولو قالَ كتَنُّورٍ لأَصَابَ المَحَزَّ : كُلُّ وَرَقَةٍ أَو بَقْلَةٍ إِذا قُطِعَتْ أَوْ قُطِفَتْ سالَ مِنْهَا لَبَنٌ أَبْيَضُ حارٌّ يُقَرِّحُ البَدَنُ . والتَّيُّوعَاتُ : بُقُولٌ أُخَرُ كالسَّقَمُوِنِيا والشُّبْرُم واللاّعِيَةِ والعُشَرِ والحَلْتِيتِ والعَرْطَنِيثَا قالَ الأَطِبّاءُ : ولَبَنُ التَّيُّوعَاتِ كُلِّهَا مُسْهِلٌ مُدِرٌ للبَوْل والطَّمْثِ حَالِقٌ للشَّعْرِ وَحْدَهُ وإِذا دُقَّ وَرَقُها أَوْ بَزْرُهَا وطُرِحَ في الماءِ الرّاكِدِ طَفَا سَمَكُهُ عَلَى الماءِ كالسَّكَارَى فاصْطِيدَ ما يَشَاءُ وسيأَتِي شَيْءٌ من ذلِكَ في ي ت ع
وعَدَه الأَمْرَ مُتَعدِّياً بنفسه ووعَدَه بِهِ . مُتَعدِّياً بالباءِ وهو رأْيُ كَثيرٍ وقيل : الباءُ زائدةٌ ومَنَع جَماعَةٌ دُخُولَها مع الثلاثيِّ قالوا : وإِنما تكون مع الرُّباعيّ يَعِدُ عِدَةً بالكسر وهو القياس في كُلِّ مِثَالٍ ورُبَّمَا فُتِح كسَعَةٍ ووَعْداً وهو من المصادر المَجْموعة قالوا الوُعُودُ حكاها ابنُ جِنِّى وقوله تعالى " مَتَى هذا الوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " أَي إِنجاز هذا الوَعْد أَرُونَا ذلك . وفي التهذيب : الوَعْدُ والعِدَةُ يَكُونَانِ مَصْدَراً واسْماً فأَمَّا العِدَةُ فتُجْمَع عِدَات والوَعْد لا يُجْمَع وقال الفراءُ وَعَدْتُ عِدَةً ويَحذِفون الهاءِ إِذا أَضَافُوا وأَنشد :
" إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فَانْجَرَدُواوأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمْرِ الذِي وَعَدُوا
وقال ابن الأَنبارِيّ وغيرُه : الفَرَّاءُ يقول : عِدَةٌ وعِدىً قال : ويُكْتَب بالياءِ . وفي الصّحاح والعِدَةُ : الوَعْدُ والهاءُ عِوَضٌ من الواو ويُجْمَع على عِدَاتٍ ولا يُجْمَع الوَعْد والنِّسْبَةُ إِلى عِدَةٍ عِدِيٌّ وإِلى زِنَةٍ زِنِىٌّ فلا تَرُدُّ الواوَ كما تَرُدُّهَا في شِيَةٍ . والفراءُ يقول عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال شِيَوِيٌّ . قلت : وقوله : ولا يُجْمَع إِلاَّ ما شَذَّ كالأَشْغَالِ والحُلُومِ كما قاله سيبويهِ وغيرُه ومَوْعِداً ومَوْعِدَةً قال شيخُنَا : هو أَيضاً مِن المَقِيس في باب المِثَالِ فيقال فيه مَفْعِلَة بفتح الميم وكسر العين وما جَاءَ بالفَتْح فهو على خِلافِ القِياسِ كمَوْحَد ومما مَعَه من الأَلفاظ التي جاءَ بها الجوهريُّ وذكَرَها ابنُ مالِكٍ وغيرُه من أَئمَّةِ الصرْفِ وهنا للجوهريِّ مباحثُ وقواعِدُ صَرْفِيَّة أَغفلَها المُصنَّفُ لعدَمِ إِلْمامه بذلك الفَنِّ . قلْتُ : وسَنَسُوقُ عِبَارَةَ الجَوْهَرِيِّ وسَببَ عُدولِ المُصَنِّف عنها قريباً . وفي لسان العرب : ويَكُون المَوْعِدُ مصدرَ وَعَدْتُه ويكون المَوْعِد وَقْتاً لِلْعِدَةِ والمَوْعِدَةُ أَيضاً اسمٌ لِلْعِدَةِ والمِيعادُ لا يكون إِلاَّ وَقْتاً أَو مَوْضِعاً والوَعْدُ مصدَرٌ حَقيقيٌّ والعِدَة اسمٌ يُوضَع مَوضِعَ المَصْدَر وكذلك المَوْعِدَةُ قال الله عزّ و جَلّ " إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ " وفي الصّحاح : وكذلك المَوْعِدُ لأَن ما كَانَ فاءُ الفِعُل منه وَاواً أَو ياءً ثم سَقَطَتَا في المُسْتَقْبَلِ نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ فإِن المَفْعِلُ منه مَكْسُورٌ في الاسمِ والمَصدرِ جميعاً ولا تُبَالِ أَمنصوباً كانَ يَفْعل منه أَو مَكْسوراً بَعْدَ أَن تكون الواوُ منه ذاهِبةً إِلاَّ أَحرُفاً جاءَتْ نَوَادِرَ قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ وفلانٌ ابن مَوْرَقٍ ومَوْكَلٌ اسمُ رجُلٍ أَو مَوْضِعٍ ومَوْهَبٌ اسمُ رجُلٍ وَمَوْزَنٌ مَوْضِع هذا سَمَاعٌ والقِيَاس فيه الكَسْرُ فإِن كانت الواوُ مِنْ يَفْعَلُ منه ثابِتَةً نحو يَوْجَل ويَوْجَعُ ويَوْسَنُ ففيه الوَجْهَان فإن أَردَت به المَكَانَ والاسمَ كَسَرْتَه وإِن أَردت به المَصْدَرَ نَصَبْتَه فقُلت مَوْجِلٌ ومَوْجَلٌ ومَوْجِعٌ ومَوْجَعٌ فإِن كان مع ذلك مُعْتَلَّ الآخِر فالمَفْعَل منه منصوبٌ وذهَبَت الواوُ في يَفعل أَو ثَبَتَتْ كقولِك المَوْلَى والمَوْفَى والمَوْعَى من يَلِي ويَفِي ويَعِي قال الإِمام أَبو مُحَمَّد ابن بَرِّيٍّ : قوله في استثنائه : إِلاّ أَحْرُفاً جاءَتَ نَوَادِرَ قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ . قال : مَوْحَدَ ليس من هذا الباب وإِنما هو مَعْدُولٌ عن واحِدٍ فيمتَنِع من الصَّرْف للعَدْلِ والصِّفَةِ كأْحَادِ مثلُه مَثْنَى وثُنَاءَ ومَثْلَث وثُلاَث ومَرْبَع ورُبَاع قال : سيبويهِ : مَوْحَد فتَحوه لأَنّه ليس بمصْدَرٍ ولا مكانٍ وإِنما هو مَعدولٌ عن واحِدٍ كما أَنّ عُمَرَ معدُولٌ عن عامِرٍ انتهى . قلت : ولمَّا كان الأَمْرُ فيه ما ذَكَرَه ابنُ بَرِّيٍّ وأَن بَعْضَ ما استثْنَاهُ مُنَاقَشٌ فيه ومَرْدُودٌ عليه لم يَلْتَفِتْ إِليه المُصنِّف وزَعَم شيخُنَا سامحه اللهُ تعالى أَنه لِجَهْلِه بالقَوَاعِد الصَّرْفِيَّة وهو تَحَامُلٌ منه عَجِيبٌ وَمَوْعُوداً ومَوْعُودَةً قال ابنُ سِيدضه : هو من المصادر التي جاءَت على مَفْعُولٍ ومَفْعولَةٍ كالمَحْلُوف والمَرْجُوعِ والمَصْدُوقَة والمَكْذُوبَةِ قال ابنُ جِنِّى : ومما جاءَ مِن المصادِر مجْمُوعاً مُعْمَلاً قولُهم :
" مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بِيَثْرِبِقال شيخنا : ووُرُود مَفْعُولٍ مَصْدَراً من الثلاثيّ الجُمْهُورُ حَصَرْوه في السَّمَاعِ وَقَصْروه على الوارِد وأَبو الخَطَّابِ الأَخفشُ الكبيرُ في جَمَاعَةٍ قاسُوه في الثُّلاثيٍّ كما قاس الكل اسْمَ مَفعولٍ مَصْدَراً في غيرِ الثلاثيِّ على ما عُرِف في الصَّرْف . وَعَدَه خَيْراً وشَرًّا فَيُنْصَبَانِ على المفعوليَّة المُطلقَة وقيل على إِسقَاط الجَارِّ والصوابُ الأَوّل كما حَقَّقَه شيخُنَا وعبارَة الفَصِيح : وَعَدْت الرجُلَ خيراً وشَرًّا . قال شُرَّاحُه : أَي مَنَّيْتَه بهما قال الله تعالى في الخيرِ : " وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وأَجْراً عَظِيماً " ومثلُه كَثِيرٌ وقال في الشَّرِّ " قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الذينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ المَصِيرُ " وأَنْشَدُوا :
إِذَا وَعَدَتْ شَرّاً أَتَى قَبْلَ وَقَتِه ... وَإِنْ وَعَدَتْ خَيْراً أَرَاثَ وعَتَّمَا قلت : وصَرَّح الزمخشريّ في الأَساس بأَن قولَهم وَعَدْتُه شَرًّا وكذا قول الله تعالى " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ " من المَجاز فَإِذا أُسْقِطَا أَي الخير والشَّرّ قِيلَ في الخَيْرِ وَعَدَ بلا أَلف وفي الشَّرِّ أَوْعَدَ بالأَلف قاله المُطرّز وحكاه القُتَيْبِيّ عن الفرَّاءِ وقال اللَّبْلِيّ في شَرْح الفَصِيح : وهذا هو المَشْهُورُ عند أَئِمَّةِ اللغَةِ . وفي التهذيب : كلامُ العَرَب : وَعَدْتُ الرجُلَ خَيْراً ووعَدْتُه شَرًّا وأَوْعَدْتُه خَيْراً وأَوْعَدْتُه شَرًّا فإِذا لم يَذْكُرُوا الخَيْرَ قالُوا وَعَدْتُه ولم يُدْخِلُوا أَلِفاً وإِذا لم يَذْكروا الشّرَّ قَالُوا أَوْعَدْتُه ولم يُسْقِطُوا الأَلف وأَنْشَدَ لِعَامِرِ بنِ الطفَيْل :
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُهُ ... لأَخْلِفُ إِيعَادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي وقالوا : أَوْعَدَ الخَيْرَ حكاه ابنُ سِيدَه عن ابنِ الأَعرابِيِّ وهو نادِرٌ وأَنشد :
يَبْسُطُنِي مَرَّةً ويُوعِدُنِي ... فَضْلاً طَرِيفاً إِلى أَيَادِيه وأَوْعَدَه بالشَّرِّ أَي إِذا أَخَلوا الباءَ لم يكن إِلاَّ في الشَّرِّ كقولك : أَوْعَدْتُه بالضَّرْبِ وعبارةُ الفَصِيحِ : فإِذا أَدْخَلْتَ الباءَ قُلْتَ : أَوْعَدْتُه بِكَذا وكَذَا تَعْنِي مِن الوَعِيد قال شُرَّاحُه : معناه أَنهم إِذا أَدْخَلوا الباءَ أَتَوْا بالأَلفِ مَعَهَا فقالوا أَوْعَدْتُه : بِكَذَا ولا تَدْخُلُ البَاءُ في وَعَدَ بغيرِ أَلِفٍ فلا تَقُلْ وَعَدْتُه بِخَيْرٍ وبِشَرًّ وعلى هذا القولِ أَكثَرُ أَهلِ اللغةِ . قلت : وفي المحكم : وفي الخَيْرِ الوَعْدُ والعِدَةُ وفي الشرِّ الإِيعادُ والوَعِيدُ فإِذا قالوا أَوْعَدْتُه بالشّر أَثبتُوا الأَلِفَ مع الباءَ وأَنْشَد لبْعضِ الرُّجَّازِ :
" أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والأَدَاهِمِ
" رِجْلِي وَرِجْلِي شَثْنَةُ المَنَاسِمِ قال الجوهريُّ : تقديرهُ أَوْعَدَني بالسِّجْنِ وأَوْعَدَ رِجْلِي بالأَدَاهِم ورِجْلي شَثْنَةٌ أَي قَوِيَّة على القَيْدِ . قلت وحكَى ابنُ القُوطِيَّة وَعَدْتُهُ خَيْراً وشَرًّا وبِخَيْر وبِشَرٍّ فعلى هذا لا تَخْتَصُّ الباءُ بأَوْعَدَ بل تكون مَعَهَا ومع وَعَدَ فتقول : أَوْعَدْته بِشرٍّ ووعَدْته بِخَيْرٍ ولكن الأَكْثَر ما مَرَّ . وحكى قُطْرُب في كِتاب فَعَلْت وأَفعلْت : وَعَدْت الرَّجُلَ خَيْراً وأَوْعَدْته خَيْراً ووَعَدْتُه شَرًّا وأَوْعَدْتُه شَرًّا . والمِيعَادُ : وَقْتُه ومَوْضِعُه وكذا المُواعَدَةُ يكون وقتاً ومَوْضِعاً قال الجوهَرِيُّ وكذلك المَوْعِدُ أَي يكون وَقْتاً ومَوْضِعاً . وفي الأَساس : وهذا الوَقْتُ والمَكَانُ مِيعَادُهم ومَوْعِدُهُم . وتَوَاعَدُوا واتَّعَدُوا بمعنىً واحدٍ أَو الأُولَى في الخَيْرِ والثانِيةُ في الشَّرِّ وهذا الفَرْقُ هو المَشْهورُ الذي عليه الجُمهُورُ ففي اللّسَانِ : اتَّعَدْت الرَّجُلَ إِذا أَوْعَدْتَه قال الأَعْشى :
" فَإِنْ تَتَّعِدْنِي أَتَّعِدْكَ بِمِثْلِهَاوقال أَبو الهيثم : أَوْعَدْت الرجُلَ أُوعِدُه إِيعَاداً وتَوَعَّدْتُه تَوَعُّداً . واتَّعَدْت اتِّعَاداً ووَاعَدَه الوَقْتَ والمَوْضِعَ . وواعَدَه فَوَعَدَ : كَانَ أَكْثَرَ وَعْداً مِنه وقال أَبو مُعاذٍ وَاعَدْتُ زَيْداً إِذا وَعَدَك وَوَعَدْتَه ووَعَدْتُ زَيْداً إِذا كان الوَعْدُ منك خاصَّةً . ومن المَجاز فَرَسٌ وَاعِدٌ : يَعِدُكَ جَرْياً بعْدَ جَرْيٍ وعبارَةُ الأَساسِ : يَعِدُ الجَرْيَ . ومن المَجاز أَيضاً سَحَابٌ واعِدٌ كأَنَّهُ وَعَدَ بالمَطَرِ ومن المَجاز أَيضاً يَوْمٌ واعِدٌ : يَعِدُ بالحَرِّ وكذا عَامٌ واعِدٌ أَو يَوْمٌ واعِدٌ : يَعِدُك بالبَرْدِ أَوَّلُه ويقال : يَوْمُنَا يَعِدُ بَرْداً ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه بِحَرٍّ أَو بَرْدٍ كذا في اللسان . ومن المَجاز أَيضاً : أَرْضٌ واعِدَةٌ : رُجِيَ خَيْرُهَا مِن النَّبْتِ قال الأَصمعيُّ : مَرَرْتُ بأَرْضِ بني فُلانٍ غِبَّ مَطَرٍ وَقَعَ بها فرأَيْتُهَا وَاعِدَةً إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وتَمَامُ نَبْتِها في أَوَّلِ ما يَظْهَرُ النَّبْتُ قال سُوَيْدُ بن كُرَاع :
رَعَى غَيْرَ مَذْعُورٍ بِهِنَّ ورَاقَهُ ... لُعَاعٌ تَهَادَاهُ الدَّكَادِكُ وَاعِدُ واشتدّ الوَعِيدُ وهو التَّهْدِيد وقد أَوْعَدَه وقال يَعقُوبُ عن الفَرَّاءِ : وفي الخَيْرِ الوَعْدُ والعِدَةُ وفي الشَّرّ الإِيعادُ والوَعِيدُ وحكاه أَيضاً صاحِبُ المُوعب قال : قالوا : الجَنَّةُ لِمَن خَافَ وِعِيدَ اللهِ كسروا الواو . ومن المَجاز : الوَعِيدُ : هَدِيرُ الفَحْلِ إِذا هَمَّ أَن يَصُولَ . وفي الحديث " دَخَلَ حَائِطاً مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ فإِذا فيه جَمَلاَنِ يَصْرِفَانِ ويُوعِدَانِ " ن أَي يَهْدِرَانِ وقد أَوْعَدَ يُوعِدُ إِيعاداً . والتَّوَعُّد : التَّهْدُّد كالإِيعادِ وقد أَوْعَدَه وتَوَعَّدَهُ . وقال أَبو الهيثم : أَوْعَدْتُ الرجُلَ أُوعِدُه إِيعَاداً وتَوَعَّدْتُه تَوَعُّداً واتَّعَدْت اتِّعَاداً ونقلَ ابنُ مَنْظُورٍ عن الزَّجَّاجِ أَنَّ العَامَّة تُخْطِىءُ وتقول أَوْعَدَنِي فُلاَنٌ مَوْعِداً أَقِفُ عَلَيْه . والتِّعَادُ : قَبُولُ العِدَةِ وأَصلُه الاوتِعَادُ قَلَبُوا الوَاوَ تَاءً وأَدْغَمُوا وناسٌ يَقُولون ائْتَعَد يَأْتَعِد ائْتِعَاداً فهو مُؤْتَعِدٌ بالهَمْز كما قالوا يَأْتَسِرُ في ائْتِسارِ الجَزُورِ قال ابنُ بَرِّيٍّ : صَوَابُه ابتَعَدَ يَاتَعِدُ فهو مُوتَعِدٌ من غير همزٍ وكذلك ايتَسَرَ يَاتَسِرُ فهو مُوتَسِرٌ بغير هَمْزٍ وكذلك ذَكَرَه سِيبويهِ وأَصْحَابُه يُعِلُّونَه على حَرَكَةِ ما قَبْلَ الحَرْفِ المُعْتَلِّ فيجعَلُونَه يَاءً إِن انْكَسَرَ مَا قَبْلَها وأَلِفاً إِن انفتح ما قَبلهَا وواوا إِن انضمّ ما قَبْلَها قال ولا يَجُوز بالهمز لأَنه لا أَصْلَ له في باب الوَعْد واليسْرِ وعلى ذلك نَصَّ سِيبويهِ وجميعُ النحويِّينَ البصرِيِّينَ كذا في اللسان . ومما يستدرك عليه : المَوْعِدُ : العَهْدُ وبه فسّرَ مُجَاهِدٌ قولَه تعالى " مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا " وكذلك قوله " فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي " قال : عَهْدِي . ويقال للدّابَّة والماشِيَةِ إِذا رُجِىَ خَيْرُهَا وإِقْبَالُها : واعِدٌ وهو مَجازٌ . ويقال : هذا غُلامٌ تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً وشِيَمُه تَعِدُ جَلَداً وصَرَامَةً وهو مَجَازٌ وقال بعضُهم : فُلان يَتَّعِدُ إِذا وَثِقَ بِعِدَتِك وقال :
" إِنِّي ائْتَمَمَتُ أَبَا الصَّبَّاحِ فَاتَّعِدِيوَاسْتَبْشِرِي بِنَوَالٍ غَيْرِ مَنْزُورِ وَاليَوْمِ المَوْعُودِ يومِ القيامة كقوله تعالى " مِيقَاتِ يَوْمِ مَعْلُومٍ " وفي الأَمْثَال العِدَةُ عَطِيَّةٌ أَي تُعِدُّ لَها أو يَقْبُح إِخْلاَفُهَا كاستِرْجَاعِ العَطِيَّةِ وقولهم : وَعَدَه عِدَةَ الثُّرَيَّا بالقَمَرِ لأَنهما يَلْتَقِيَانِ في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً قاله الميدانيُّ . والطَّائِفَةُ الوَعِيدِيَّةُ فِرْقَةٌ من الخَوَارِج أَفْرَاطوا في الوَعِيدِ فقالوا بِخُلودِ الفُسَّاق في النَّارتذييل : قال الله تعالى : " وإِذ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " قرأَ أَبو عُمْرٍو : وَعَدْنَا . بغيرِ أَلفٍ وقرأَ ابنُ كَثِيرٍ ونَافِعٌ وابنُ عامِرٍ وعاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسَائيُّ : واعَدْنَا بالأَلِف قال أَبو إِسحَاقَ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِن أَهلِ اللغةِ وإِذ وَعَدْنَا بغير أَلفٍ وقالوا : إِنما اخْتَرْنَا هذا لأَن المُوَاعَدَة إِنما تَكُونُ مِن الآدمِيّينَ فاختارُوا وَعَدْنَا وقالَوا : دليلنا قولُ الله تعالى " إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ " وما أَشبَهَه قال : وهذا الذي ذَكَرُوه ليس مِثْلَ هذا . وأَمّا وَاعَدْنَا هذا فَجيِّدٌ لأَن الطَّاعَةَ في القَبُولِ بمَنْزِلةِ المُوَاعَدَةِ فهو من الله َعْدٌ ومِن مُوسى قَبُولٌ واتِّبَاعٌ فَجَرَى مَجْرَى المُواعَدَة وقد أَشارَ له في التهذيبِ والمُحكم ونُقِل مثلُ ذلك عن ثَعْلَبٍ . تكميل : قالوا : إِذا وَعَد خَيْراً فلم يَفْعَلْه قالوا : أخْلَفَ فُلانٌ وهو العَيْبُ الفاحِش وإِذا أَوْعَدَ ولم يَفْعَلُ فذلك عندهم العَفْوُ والكَرَمُ ولا يُسَمُّون هذا خُلْفاً فإِن فَعَلَ فهو حَقُّه قال ثَعْلبٌ : ما رَأَيْنَا أَحَداً إِلاَّ وقولُه إن الله جلَّ وَعَلاَ إِذا وَعَدَ وَفَى وإِذا أَوْعَدَ عَفَا وله أَن يُعَذِّب . قاله المُطرّز في الياقوت وحَكَى صاحبُ المُوعب عن أَبي عمرِو بنِ العَلاَءِ أَنه قال لعَمْرِو بن عُبَيْدٍ إِنّك جاهِلٌ بلُغةٍ العَرَب إِنهم لا يَعُدُّونَ العَافِيَ مُخْلِفاً إِنما يَعُدُّون مَن وَعَدَ خَيْراً فلم يَفْعَلْ مُخْلِفاً ولا يَعُدُّونَ مَن وَعَدَ شَرًّا فعَفَا مُخْلِفاً أَمَا سَمِعْت قولَ الشاعرِ :
" وَلاَ يَرْهَبُ المَوْلَى ولاَ العَبْدُ صَوْلَتِيوَلاَ اخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ