الشَّغْبُ بالتَّسْكين ويُحَرَّك وهو لغَةٌ وقِيل : لاَ . ونَسَبها ابن الأَثِير للعَامَّة . وقال الحَرِيريّ في دُرَّةِ الغَوَّاصِ . ويَقُولُون فِيهِ شَغَب بفتح الغَيْن فيوهَمُون فِيهِ كما وَهِمَ بعضُ المُحْدَثِين في قوله :
" شَغَبْتَ كَيْمَا تُغَطِّي الذَّنْبَ بالشَّغَبِ والصَواب فيه شَغْب بإِسْكَانِ الغَيْن . واعتراضَ عَلَيْه ابنُ بَرِّيّ في حَوَاشِي الدُّرَّةِ وقال : إِن قولَهم شَغَبٌ بفتح الغين صَحِيح وَارِد نَقَلَه ابنُ دُرَيْد . قال شيخنا : وحكاه ابنُ جِنِّي في المُحْتَسِب والزَّمَخْشَرِيّ في الأَسَاس وهو تَهْيِيجُ الشَّرِّ والفِتْنَةِ والخِصَامِ والشَّغْبُ : الخِلاَف قاله الباهِلِيّ كالتَّشْغِيبِ . شَغْبٌ على مَا فِي الوَفيَات لابْن خِلَّكان . وفي المَرَاصِدِ : شَغْبٌ : بِبِلاَد عُذْرَة وقيل : قرية بها مِنْبَرٌ وسُوقٌ وقيل : بَيْن المَدِينة وأَيْلَة . وقيل : هي قَرْيَة خَلْفَ وَادِي القُرَى . وقال ابن منظور : شَغْب : بَيْن المَدِينَة والشَّام . وفي حَدِيث الزُّهْرِيّ أَنَّه كَانَ لَهُ مَالٌ بِشَغْبٍ وبَدَا . هما مَوْضِعَان في الشَّام وبِهِ كَانَ مُقَام علِيّ بْنِ عبد الله بن عَبَّاسِ وأَوْلاَدِه إِلَى أَنْ وَصَلَت إِلَيْهِم الخِلاَفَة وهو بِسُكُونِ الغَيْن انْتَهَى . وقيلَ : هُما وَادِيَان واسْتَدَلَّ بقَوْل كُثَيِّر :
وأَنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ شَغْباً إِلى بَدَا ... إِلَيَّ وأَوْطَانِي بِلاَدٌ سِواهُمَا
إِذا ذَرَفَتْ عَيْنَاي أَعْتَلُّ بالقَذَى ... وعَزَّةُ لَوْ يَدْرِي الطَّبِيبُ قَذَاهُمَا
حَلَلْتِ بِهَذَا حَلَّةً ثم حَلَّةً ... بِهَذَا قَطَابَ الوَادِيَانِ كِلاَهُمَا
وبه قال الزُّهْرِيَ هَكَذا في سَائِر النُّسَخ ولم يَتَعَرَّض له شَيْخُنا ولم أَجِد مَنْ شَرَحَ هَذَا المَوْضِع وهو تَصْحِيف مُنْكَر وَقَعَ من النُّسَّاخ . والصَّوَابُ : وبِه مَالَ أَوْ مَاتَ الزُّهْرِيّ وهو أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن مُسْلِم بْنَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ المَدَانِيُّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وعِشْرِينَ ومائَة بِشَغب في أَمْوَالِه بِهَا . قال ابنُ سَعْد عن الحُسَيْن بْنِ أَبِي السَّرِيّ العَسْقَلاَنِيّ : رَأَيْتُ قَبْر الزُّهْرِيّ بأَدَامَى وهي خَلْف شَغْب وَبَدَا وهي أَوَّلُ عضمَل فِلَسْطِين وآخرُ عَمَل الحِجَاز وبها ضَيْعَةُ الزُّهْرِيّ الَّتي كَانَ فِيهَا ورأَيت قَبْرَه مُسَنَّماً مُجَصَّصاً أَبْيَضَ قَالَه الهَكَّارِيُّ في رِجَال الصّحِيحَيْن . قد شَغَبَهم يَشْغَب شَغْباً شَغَبَ بِهِم . و شَغَبَ فيهم وشَغَبَ عَلَيْهِم كله بمعنى كمَنَع وفَرِحَ . يقال : شَغِبْتُ عَلَيْهم بالكَسْر أَشْغَبُ شَغَباً والكسرُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ أَي هَيَّجَ الشَّرَّ عَلَيْهِم . وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاس : ما هَذِه الفُتْيَا الَّتي شَغَبَتْ في النَّاسِ . قَالَه ابن الأَثير . قُلْتُ : وقد تَقَدَّم في حَرْفِ العَيْنِ المُهْمَلَة . وفي الحَدِيثِ : نَهَى عَنِ المُشَاغَبَة أَي المُخَاصَمة والمُفَاتَنَة . وهو شَغْبُ الجُنْد وطَوِيلُ الشَّغْبِ . شَغِبٌ كَفَرِحٍ ومِشْغَبٌ كمِنْبَرٍ . أَنشد اللَّيْثُ :
وإِنِّي على مَا نَالَ مِنِّي بِصَرْفه ... عَلى الشَّاغِبينَ التَّارِكي الحَقِّ مِشْغَبُ وشَغَّابٌ بالتَّشْدِيدِ للمبالغة وشِغَبٌّ كهِجَفٍّ . قال هِمْيَان :
نَدْفَعُ عنها المُتْرَفَ الغُضُبَّا ... ذَا الخُنْزُوَانِ العَرِكَ الشِّغَبَّا ومُشَاغِبٌ كمُقَاتِلٍ . وذُو مَشَاغِبَ كمَسَاجِدَ . شَغَبَ فُلاَنٌ عَنِ الطريق كمَنَعَ يَشْغَبُ شَغْباً : مَالَ قاله شَمِرٌ . قال لَبِيدٌ :
ويُعَابُ قَائِلُهم وإِن لم يَشْغَبِ ... أَي وإِن لم يَجُرْ عَن الطَّرِيقِ والقَصْدِ . وفلان مِشْغَبٌ إِذا كان حائِداً عن الحَقِّ . وقال الفَرَزْدَقُ :
يَرُدُّون الحُلُومَ إِلى جِبَالٍ ... وإِنْ شَاغَبْتَهم وَجَدُوا شِغَابا أَي وإِن خالَفْتَهم عن الحكم إِلى الجَوْر وتَرْكِ القَصْد إِلى العُنُودِ . وشَاغَبَه فَهُوَ شَغَّاب : شَارَّة مُشَارَّةً وخَالَفَه . وفي لسَان العرب : ويُقَالُ للأَتَانِ إِذَا وَحِمَتْ واسْتَصْعَبَتْ على الفَحْل إِنَّهَا ذَاتُ شَغْبٍ وضِغْنٍ وهو مجاز . قال أَبو زُبَيْدٍ يرثي ابن أُخْته :
كَانَ عَنِّي يَرُدّ دَرْؤُك بَعْدَ الْ ... لَهِ شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ المِرِّيدِ وأَنشد الباهليّ قول العَجَّاج :
كأَنَّ تَحْتِي ذَاتَ شَغْبٍ سَمْحَجَا ... قَوْدَاءَ لا تَحْمِلُ إِلا مُخْدَجَا قال : الشَّغْبُ : الخِلاَفُ أَي لا تُوَاتِيهِ . وتَشَغَّب عَلَيْه يَعْنِي أَتَاناً سَمْحَجاً طَوِيلَة عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ . قَوْدَاء : طَوِيلَة العُنُق . وقال عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ :
" فإِنْ تَشْغَبِي فالشَّغْبُ مِنِّي سَجِيَّةٌأَي تُخَالِفِينِي وتَفْعَلِي مَالاَ يُوَافِقُني . وفي الأَسَاسِ ومِنَ المَجَاز : ناقَةٌ شَغَّابَة : لم تَعْتَدِل في المَشْيِ وتَحَيَّدَت . وطلبتُ مِنْهُ كذا فَتَشَاغَبَ وامْتَنَع إِذَا تَعَاصَى . وعبْد المَلِكِ بْنُ عَلِيّ بن خَلف بن شَغَبَة الشَّغَبيّ محركة نسبة إِلى جدّه وهو مُحَدِّثٌ بَصْرِيٌّ . وشَغَبُ مُحَرَّكَةً مَمْنُوعَةً من الصَّرْف في المَعْرِفَة : امْرَأَةٌ . وأَبو الشَّغْب العَبْسِيّ واسْمُه عِكْرشَةُ بْنُ أَرْبَدَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مِسْحَلِ بْنِ شَيْطَانَ بْنِ جَذِيم بْنِ جَذِيمةَ شَاعِرٌ . قرأْت شعره في الحَمَاسَة في المَراثِي . وشَغْب بالفتح ذِكْرُ الفَتْح مُسْتَدْرَك وحَكَى الرّشَاطِيُّ فيه التَّحْرِيكَ قال : ولم يُقَيِّده عبد الغنيّ . والصَّواب أَنَّه بتَسْكِين الغَيْن كَمَا قَيَّدَه ابنُ مَاكُولاَ : مَنْهَبٌ بَيْنَ مِصْرَ والشَّأم منه زَكَرِيّا بن عيسَى الشَّغْبِيّ المحدّث عن الزُّهْرِيّ وعنه ابنُ أَخِيه إِبْرَاهِيمُ ابْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى الشَّغْبِيّ . وعمرُ بن أَبي بكر المُؤَمّليُّ وغيرهما وحَدِيثُه في الأَوْسَط للطَّبَرَانِيّ